'السلفية الجهادية' بين 'الغرف السوداء' وبطون الأودية
اخبار البلد - أدت الحملة الحكومية التي تديرها فرق أمنية خاصة مؤخرا، إلى اعتقال أبرز قادة التيار "السلفي الجهادي" في الأردن.
وابتعدت قيادات التيار عن بعضها البعض "قسرا" بحسب عناصر في "السلفية الجهادية"، أكدوا أن كثيرا من قيادات الصف الأول والثاني وحتى الثالث، إما خلف القضبان في "الغرف السوداء"، وإما في الأودية وبطون الجبال التي لجؤوا إليها في عدد من المحافظات، هربا من ملاحقة أجهزة الدولة.
وكانت الأجهزة الأمنية نفذت خلال الأيام الماضية، حملة اعتقالات ودهم شملت قيادات وعناصر في التيار، بعد مواجهة بينهم بمدينة الزرقاء الجمعة.
ومن أبرز القيادات التي تم اعتقالها، الدكتور سعد الحنيطي، والمهندس الزراعي جراح الرحاحلة، وأبو محمد الطحاوي، بالإضافة إلى الدكتور أيمن البلوي شقيق همام البلوي المعروف بـ"أبو دجانة الخراساني"، الذي فجر نفسه في قاعدة للمخابرات الأميركية بأفغانستان نهاية عام 2009، قتل فيها ثمانية ضباط أميركيين والضابط الأردني علي بن زيد.
وعلمت من مصادرها، أن هناك انقساماً حاداً في صفوف "السلفية الجهادية"، على خلفية أحداث الجمعة الماضية.
وأكدت المصادر استياء قيادات "غير معلنة" في التيار لما جرى، ورفضها فكرة الخروج المتكرر إلى الشارع.
وبحسب معلومات المؤكدة، فإن حفل زفاف لأحد عناصر التيار في الزرقاء، تحوّل ليل الخميس الماضي إلى ساحة للاتهامات المتبادلة بين من يؤيد النزول إلى الشارع، ومن يعارض ذلك.
وحاول عدد من الشخصيات المعروفة داخل التيار، ثني شباب "السلفية الجهادية" وقياداتها "المتحمسة" عن تنظيم مهرجان الجمعة في الزرقاء، محذرة بحسب المصادر من "مؤامرة حكومية أمنية على التيار، في محاولة لاجتثاثه من الأردن بأي طريقة كانت"، لكن كل محاولات هذا الطرف باءت بالفشل، بحسب المعلومات المسربة.
وقالت المصادر إن "عددا من قيادات السلفية الجهادية المطالبة بالنزول إلى الشارع، شعرت بنشوة الانتصار، بعد أن خضعت الأجهزة الأمنية لمطلبها الأسبوع قبل الماضي بالإفراج عن أربعة من معتقليها، وهو ما دفعها إلى الإصرار على تنظيم مهرجان الجمعة في الزرقاء". وأضافت المصادر: "جماعتنا أوقعونا في فخ الحكومة والمخابرات".
وأوضحت عناصر في التيار تصف نفسها بـ"العقلانية"، أن "من شارك بمهرجان الجمعة تأكد له أن الحكومة عازمة على اجتثاث السلفية الجهادية دون هوادة"، وهو ما دفع الكثير منهم إلى شد الرحال صوب الأحراش والجبال، إلى أمد غير معروف.
وقد خلت عدد من المساجد في عدة محافظات خلال الأيام الماضية، من أتباع التيار الذين كانوا يرتادونها بشكل يومي.
ويقول الخبير في التيارات السلفية حسن أبو هنية إن "السلفية الجهادية مقسومة على نفسها في الأردن، فهناك تيار دعوي، وآخر يتبنى المواجهة المسلحة. ما جرى في الزرقاء سيعطي التيار الأخير الذريعة الكاملة؛ للمضي قدما نحو التطرف"، متابعاً: "كنّا نراهن على دمج التيار في المجتمع، لكن الحكومة على ما يبدو لا تريد ذلك".
ويضيف: "ليس من مصلحة الحكومة بالتأكيد استفزاز التيار، فهناك خلايا نائمة في السلفية الجهادية لا يستبعد أن تلجأ إلى عنف أكبر، ردا على استهدافها".
ويرى أبو هنية أن الجهات الرسمية تتعامل مع التيار منذ نشأته كملف أمني، داعيا الحكومة إلى إدخال الوساطات للحوار مع قادة "السلفية الجهادية" بهدف سحب فتيل الأزمة على حد وصفه، وقال: "الحكومة أجرت بعض الحوارات في وقت سابق مع هؤلاء القادة، لكن الأمور عادت إلى المربع الأول، وعاد الملف الأمني ليسيطر على الحالة من جديد".
وكان السلفيون قد تظاهروا مرارا الأسابيع الماضية، مطالبين بإطلاق سراح عدد من محكومي التيار، بينهم أبو محمد المقدسي، الذي كان مرشدا روحيا لأبي مصعب الزرقاوي زعيم تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين، الذي قتل في غارة أمريكية بالعراق عام 2006.