مأساة رجل شجاع


وينكم يا اهل الحمية
الاسم : مصطفى جدعان وراد الخرشه (ابو جدعان)
مكان الولادة : قرية ام الينابيع / لواء المزار الجنوبي / محافظة الكرك .
تاريخ انتسابه للقوات المسلحة الملكية الاردنية ( الجيش العربي ) اب 1952 – 1973 حزيران .
جالست عدد لا باس فيه من منتسبي الجيش العربي جنود وضباط صف وضباط ، واستمعت واستمتعت باحاديثهم ومغامراتهم وصعوبة العيش بتلك المرحلة ، وقلة وسائط النقل ومواعيد انطلاقها ، وصعوبة الحصول على الاجازة وحقيقة ان جيلنا يصدم حين يقول احدهم انني امضيت ستة اشهر واستحي ان اطلب اجازة لمدة 48 ساعة وحتى 24 ساعة لان غيري امضى سنة كاملة وقد منح اجازة 48 ساعة ومنهم من تزوج ولم يمضي مع عروسه يوما او يومين ليعود اليها بعد ستة اشهر او سنة ويمكث يوما او يزيد وبعضهم يذهب للمستشفى الرئيسي بــ ماركا ليحصل على اجازة مرضية لا تزيد عن ثلاثة ايام ...ويعتبر نفسه ابو زيد خاله ان افلح بحصوله على اجازة ....اغلبهم خدم في الضفة الغربية والتي يعشقون ترابها ومقدساتها ويصفونها بـ( جنة الله على الارض ) يعرفون مدنها وأحيائها وزقاقها وكهوفها ...ويعرفون اهلها ويحدثونا عن كرمهم وطيبهم والسعادة تغمرهم حتى ان عمي اخ والدي احب فتاة اسمها صورة ولم يشأ القدر ان يتزوجها فسمى احدى بناته باسمها ومات وهو يميزها عن شقيقاتها حبا بمحبوبته ...ايام وليالي وسنين ، كابدوا فيها قساوة الحياة وظائف حول المعسكرات في برد الشتاء وزمهريره ..واخرى في الصيف وحرارته .....ومسير ساعات طويلة للوصول لربعة وبيته ...وهناك من لا يجد اهله بسبب تنقلهم بحثا عن المرعى وتنتهي اجازته ولم يجدهم فيرجع لمعسكره ليعد اياما وشهور ليتمكن من الحصول على اجازة .
هكذا كان ابو جدعان ورفاق السلاح ..وفي الرابع من حزيران بدأت حرب ( الايام الستة ) حرب النكسة او هزيمة حزيران فالمسميات كثيرة....منهم من اطلق عليها حرب الخيانة ...بينما جنودنا رووا لنا ملاحم سطروها في اللطرون وباب الواد والشيخ جراح وبمواقع القتال في الضفة الغربية بسلاحهم البسيط وعتادهم القليل وصمدوا وحاربوا بالسلاح الابيض وابهروا العدو الصهيوني بشجاعتهم واقبالهم على الشهادة في سبيل الله والوطن ومقدساته وهناك قصص يشيب لها الولدان ويتفاخر بها ابطال جيشنا العربي والجيوش العربية التي شاركت في القتال ...وكان الاردنيون الأميز في القتال ...ومنهم من استمر بالقتال رغم الاوامر بانسحابهم .....واستشهد خيرة جنودنا وضباط صف وضباط مقبلين غير مدبرين ......وببسالتهم في الحرب لم يجرؤ احد على اتهامهم بالهزيمة ...ومن يتحملها بداية النظام المصري والسوري اللذان ورطوا العرب بمعركة لم يستعدا لها ولم يخططا لنتائجها الكارثية التي احتلت فيها اراضي عربية مصرية وسورية ولبنانية والضفة الغربية الجزء البسيط من فلسطين العربية التي خسرها العرب بعام ثمان واربعين ....وللأمانة التاريخية ان شهيد الاردن دولة وصفي التل جاهر برفضه دخول المعركة لإدراكه انها خاسرة وسنخسر الضفة الغربية ...الا ان الملك حسين طيب الله ثراه اصر على دخول الحرب كي لا يتهم بالتقصير .وبعد اقل من عام شنت قوات جيش الدفاع الصهيوني حربا على الاردن لاحتلال مرتفعات السلط والاغوار الشمالية لكن جيشنا وفصائل المقاومة الفلسطينية واهلنا في الاغوار كانوا لهم بالمرصاد وطردوهم وشردوا جيشهم وهزموه شر هزيمة كسرة شوكتهم واستعلائهم بجيشهم الذي لا يقهر على حد تعبيرهم ....وتتالت الاحداث بحرب الاستنزاف وصمد جيشنا ...وعمل العدو الصهيوني وبعض الانظمة الحاقدة على الاردن فتنة بين اخوتنا الفدائيين بفصائلهم الثورية وبين الجيش العربي والشعب انتهت بحرب ترقى لتسميتها حرب اهلية .
نعود للاب البطل الشجاع مصطفى جدعان وراد الخرشه (ابو جدعان) الذي خاض مع رفقة حربا شرسة من على مدفعة البسيط ليحرق اربعة دبابات ولم يستسلم حتى غلبته الجراح ليقع اسيرا لدى العدو مع رفاق السلاح
العجب ان موشى ديان رئيس اركان الجيش الصهيوني أصر على مقابلة ابو جدعان ذاك الرجل الشجاع وقد ذاع صيته وبلائه الحسن في المعركة والعجب يكمن برد ابا جدعان السجين ( ترجم يا مترجم واسمع يا اعور ..اعور ... اعور جيشك جبان ، الك عندنا يوم ، والحرب كر وفر واليوم الك وبكره عليك .
والعجب العجاب ان يسكن هذا الرجل بمكان لا يليق ببطولته وشجاعته بينما تهدى القصور .
الصحفي محمد حسنيين هيكل وأبو جدعان , الذي ارسل هيكل حينما كان وزيرا للإعلام في حكومة الرئيس جمال عبدالناصر رسالة بمقالة عبر صفحات صحيفة الاهرام المصرية عقب حرب حزيران حملت عنوان [ ان وصلتك صباحا فصباح الخير وان وصلتك مساء فمساء الخير يا ابا جدعان .
سجن ابو جدعا ن مدة اربعة شهور تم اطلاق سراحه وبعض الاسرى بصفقة تبادل للأسرى واستقبلهم الملك حسين غفر الله بالقاعدة الجوية في المفرق قائلا ( هلا برافعي رؤوس الاردنيين والعرب ).
الحقيقة المرة : ابو جدعان رجع بعد شكره ورفاقه كل لمسقط رائسه لم يدع لحفل بمناسبة عامة ولا للأعياد الوطنية وذكرى معركة الكرامة ولا يوم الاستقلال ويوم الجيش وغيرها ....ابو جدعان يحمل ثمانية اوسمة (8 رصاصات )في جسده المترهل لكن افتخاره وعزته بنفسه ان يحمل كل الطلقات والتي هي اعلى من كل اوسمتكم
يا دولتنا الاردنية ابا جدعان ورفاقه ممن اصيبوا بمعارك الشرف اولى بالتكريم من الكثيرين ممن لا ترقى اعمالهم لأدنى عمل يقوم به جنودنا البواسل
ختاما هنيئا لك ابا جدعان بطولتك وشجاعتك التي احبت بها موشى ديان  وتتقدم الصفوف بكل المحافل ..هنيئا لجسدك الذي تنغمس فيه ثمن رصاصات غادرة
اطال الله عمرك راجيا من القيادة العامة التبرع بمنزل بحجم ابو جدعان ودعوته لكل المناسبات الوطنية.
والاحتفاء ببطولته .يا كثرهم امثال ابو جدعان ...
ملاحظة الصورة تغني عن الاسترسال والشرح .
ناصر الخزاعله 14/12/2015