الأقصى والقيامة توأمان لا ينفصلان

لانه مسيحي عربي فلسطيني اكد المطران المناضل عطا الله حنا، وصلى من اجل بقاء " المسجد الاقصى المبارك – أن الحرم القدسي الشريف وكنيسة القيامة توأمان لا ينفصلان في مواجهة العدو الواحد " .


تلك هي رسالة رجل الدين المؤمن التقي الذي يرتقي في عقيدته الى مستوى الإيمان الصادق الحقيقي بإله واحد لبني البشر، مهما اختلفت اجتهاداتهم، وقنوات وصولهم، وطرق صلاواتهم، وانه ابن الشعب الواحد الذي يواجه وجع الاحتلال، وعذابات المستعمر، وقهر المستبد الذي يسعى لفرض اللون الواحد والاتجاه المنفرد على المدينة المقدسة، التي كانت عربية فلسطينية وستبقى لشعبها، كما كانت دوماً، وستكون، رغم محاولات تهويدها واسرلتها وصهينتها من قبل المشروع الاحتلالي الاستعماري المؤقت، بما يتعارض مع تاريخها التعددي، وارثها الحضاري، وواقعها ومعالمها العربية الفلسطينية الاسلامية المسيحية.

رسالة المطران تحمل معنييّن اولهما تعاضد ابناء الشعب الواحد من تقاة المسلمين والمسيحيين، وضرورة تماسكهم ووحدتهم وادوات كفاحهم المشترك، ضد عدوهم، وثانيهما ان عدوهما الواحد حيث لا عدو لهم سواه هو الذي يحتل ارض الفلسطينيين، ويصادر حقوقهم، ويتطاول على كرامتهم، ويحرمهم حق الحياة الطبيعية السوية على ارضهم وفي وطنهم الذي لا وطن لهم غيره .

القدس، لا يستطيع احد الادعاء انها كانت لدين واحد بمفرده، بل كانت شراكة وتراثاً للديانات السماوية الثلاثة، لان مصدرهم ومرجعيتهم وتوجهاتهم وربهم واحد، لليهود كما للمسيحيين مثلما هي للمسلمين، ولا احد قادر ولا يملك رفض الاخر او عزله او اقصاءه، بل هي شركة ايمانية مقدسة بين الديانات الثلاث الاسلام والمسيحية واليهودية .

وان ما يسعى له المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي بفرض سياساته واجراءاته وتطاوله على مقدسات المسلمين والمسيحيين لصالح المشروع الصهيوني وفرض اللون اليهودي الواحد على حساب المسلمين والمسيحيين، انما يكرس الكره والبغضاء وتوظيف الدين لاسباب ودوافع سياسية غير نبيلة واستعمارية، ومثلما اندحرت جموع المستعمرين الاوروبيين الذين حاولوا غزو بلادنا باسم الصليب والمسيحية بالحملة والحروب التي كان الراحل ابوعمار يرفض تسميتها الحملات الصليبية، او الحروب الصليبية، بل كان يُصر على تسميتها بحرب الفرنجة وحملات الفرنجة على بلادنا وقد كان محق في ذلك، ولهذا ستندحر الحملة الصهيونية والمشروع الصهيوني في عملية جلب اليهود الاجانب وزرعهم عنوة في بلادنا، مثلما سبق وان اندحرت حملات الفرنجة الاوروبية في محاولات غزو بلادنا تحت رايات الصليب .

الغرب سرق المسيحية منا ومن بلادنا وادعى مركزها خارج بلادنا، مع ان كنائس المهد في بيت لحم، والقيامة في القدس، والبشارة في الناصرة وغيرها من مظاهر وتراث المسيحية ولدت في بلادنا وبقيت تراثاً قيماً يحظى باحترام المسلمين والمسيحيين على السواء، مثلما حظي ابراهيم الخليل عليه السلام في الخليل، وقبر راحيل في بيت لحم وقبر يوسف في نابلس وغيرهم من شواهد اليهود وتراثهم باعتبارها تراثاً لشعب فلسطين العربي من المسلمين والمسيحيين واليهود، قبل قيام المشروع الصهيوني باقامة دولة لليهود الاجانب الذين هاجروا الى بلادنا اما هرباً من اضطهاد النازيين او طمعاً في استعمار بلد اخر كما حصل للاوروبيين الذين هاجروا الى اميركا على حساب الاقلية البسيطة من الهنود الحمر سكان اميركا الاقدمين، وهذا ما حصل في فلسطين حيث تعرض شعبها للغزو وللترحيل ولكل وسائل الانهاك والتبديد والتشرد، ولكن شعب فلسطين على الرغم من تهجير نصفه وبقي نصفه الاخر على ارض وطنه صامداً سواء في مناطق 48 في الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة، او في مناطق 67 في الضفة والقدس والقطاع، يشكلون شعباً واحداً مقسوما جغرافياً ويفتقد للتواصل اليومي المعيشي الحياتي ما بين مناطق 48، وبين قطاع غزة المفصول والمحاصر، الى القدس المقطوعة والمفصولة عن باقي مدن الضفة الفلسطينية، رغم ذلك يشكل اولئك وهؤلاء شعباً واحداً فاق الستة ملايين انسان وهو اول مدماك الانتصار الفلسطيني بوجود شعب عربي فلسطيني على ارض وطنه من المسلمين والمسيحيين والدروز ومعهم اقلية يهودية صغيرة تدرك اهمية ربط مصيرها مع باقي مكونات الشعب الفلسطيني، مثلما هو اول عنوان لفشل المشروع الاستعماري الصهيوني في محاولاته لاحتلال كل الارض الفلسطينية وطرد كل الشعب الفلسطيني، ولكنه اذا نجح في احتلال الارض لانه الاقوى والمدعوم من الطوائف اليهودية في العالم ومن قبل الولايات المتحدة، ولكنه فشل في طرد كل الشعب الفلسطيني، الذي بقي نصفه على ارضه يشكلون امتداداً لفلسطين الامس وعنواناً لفلسطين الحاضر وأملاً وملاذاً وخياراً وقوة وحضوراً لفلسطين المستقبل .

المطران عطا الله حنا، ليس فقط رجل دين تقيا يؤدي واجباته بايمان، ولكنه رجل وطني يُجيد الجمع والتوحيد، مثلما يضع البرنامج الكفاحي المشترك لكل الفلسطينيين، للمسلمين كما للمسيحيين بدون ان ينصب العداء لليهود، بل يعمل على توحيد الجميع من ابناء الديانات في معركة وطنية واحدة لكل ابناء الشعب العربي الفلسطيني ضد العدو الواحد الذي لا ثاني له، والمتمثل بالمشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي العنصري الذي يحتل ارض الفلسطينيين وينهب حقوقهم ويعتدي على كرامتهم، ولذلك ماله الهزيمة والاندحار لانه مستعمر، ولانه يستعدي المسلمين والمسيحيين على السواء .

والمسجد الأقصى وكنيسة القيامة توامان لن ينفصلا ولهذا ستنتصر قضيتهما لانهما على حق ولانهما مقدسان بنفس القيمة والمعيار، ولهذا سيتوحد كل المسلمين على وجه الارض، وكل المسيحيين في العالم لحماية مقدسات الفلسطينيين ضد محاولات التهويد والاسرلة والصهينة الاستعمارية المهينة البغيضة .