خوارج ألأمة .. أين سيذهبون بنا !!

... تواجه بلادنا معضلات وتحديات تحدان من تطوره ونموه واستقراره ، وتهدد ببقائه وديمومته ، فمعضلة الفساد الذي تحولت بفعل غياب الرقابة والمحاسبة وانتشار ظواهر الشللية والمحسوبية إلى مؤسسة سياسية ذات أبعاد اقتصادية واجتماعية وأمنية خطيرة كادت أن تحيل البلاد إلى قرية خاوية على عروشها بكل تفاصيل القرية التي تحدث عنها القرآن الكريم ، والتي كانت سبب حراك الناس وخروجهم للمطالبة بالإصلاح والحفاظ على مقدرات الوطن ، وان كانت الاستجابات بطيئة بحكم عظم الملفات وعمقها وتورط الكبار بها فأن تلك الإصلاحات قد تبدو مقبولة إلى الحد الذي ينتظر الناس ما ستؤول إليه التطورات . أما المعضلة الأخطر والأشد قسوة التي باتت تهدد هي الأخرى أمن واستقرار الوطن وتضرب بعمق وحدتنا الوطنية الراسخة فهي معضلة التطرف ورفض الأخر والخروج إلى الشارع بأسلحة وفكر تكفيري مغاير لقيم وثقافة مجتمع آمن مستقر ، فظاهرة التطرف وبروز دعاة الفكر التكفيري لا زالت في مهدها ولم تتحول بعد إلى مؤسسة ذات أبعاد أمنية خطيرة إن استطاع النظام لجم وتطويق تلك الظاهرة قبل استفحالها واستخدام كل وسيلة ممكنة للحد منها بالوسائل الحوارية والنفسية الممكنة أو في إبعاد هذه الزمرة عن مجتمعنا وإعادتهم إلى جحورهم التي يعتقدوا أنها جحور أفغانستان أو باكستان التي يعتقد بها رموزهم ومنظريهم ، فمن غير المقبول استمرار سياسة الاحتواء والدبلوماسية الناعمة مع تلك الثلة التي تستبيح دماء الأخر . لا يقف الحد كما أثبتت الأيام عند تلك العصبة التكفيرية فحسب ، بل أن رفض الأخر وإثارة الفتن وركوب أمواج وحركات الشباب المطالب بالإصلاح وتشويه تلك التحركات بزج أجندة خاصة بالحركة لا تتعلق بطموح أبنائه ومطالبتهم بالإصلاح على غرار حركة 24 آذار التي تهمشت بفعل التصدي الشعبي العارم لأطروحاتها ونهجها أو في ركوب موجة ما أطلق عليه حركة 15 نيسان الأخيرة ، فأن تيار الحركة الإسلامية والإخوان المسلمون خاصة الرافضين للحوار والمتصيدين للأخطاء مهما قل شأنها جعل من تلك العصبة السلفية التكفيرية مطية أخرى لهذه الجماعة لإثارة الفتنة وضرب الاستقرار الذي تنعم به البلاد وتحسد عليه ، فرفض الأخر وتكفيره لدى السلفية يماثله رفض الحوار لدى الإخوان ، وحمل السلاح في وجه الناس والاعتداء عليهم يماثله تصريحات قادة الحركة في ضرورة التصدي لأفراد الأمن بقوة ، بل إن زكي بني ارشيد احد ابرز رموزهم قال إن رجال الأمن يستحقون أكثر من ضرب السيوف والخناجر !! فيما يعرب عن تخبطه وتخبط حركته بالقول كذلك استعداد الحركة للمشاركة في الحكم إن أتيح لها المجال !! ولا ادري كيف لرجل او جماعة تحلل الاعتداء بالأسلحة البيضاء على رجال الأمن والناس الآمنين ويبدي الاستعداد بنفس الوقت للمشاركة بالحكم ضمن قانون الحكومات البرلمانية التي يغيبون أنفسهم عن حواراته وإعداده ،فهم يسيرون على منهج المنافقين الذين ذكرهم الله تعالى في كتابه العزيز بالقول: ( الذين يتربصون بكم فإن كان لكم فتح من الله قالوا ألم نكن معكم ) فهم لا بد سيتوددون للناس إن حققوا مبتغاهم في الإصلاح والاستقرار ومن ثم سيخرجون علينا بالقول إنهم كانوا معنا ، وتلك سمة أخرى لتلك الجماعة من الناس الذين اتخذوا من الإسلام والدعوة غطاء لتمرير سؤ نيتهم وأفعالهم الشريرة بحق الوطن والمواطن ،والذين يعرفهم التاريخ بقدرتهم العالية على ركوب الموج وحصد الغنائم التي حققها الناس دونهم ، ولا أدل من ذلك على أفعالهم في تاريخ حركات التحرر والإصلاح الوطني والعربي بدءا من عبد الناصر ومحاولة إسقاط مشروعه القومي لصالح الانجليز ، مرورا بتصديهم لكل حركة وطنية أردنية طالبت منذ الخمسينات وحتى الآن بالإصلاح والديمقراطية ، وانتهاءا بما يجري في بلاد العرب ، في سوريا واليمن وليبيا وتونس والجزائر والمغرب وغيرها هذه الأيام حيث لا صوت ولا صورة تذكر لموقف أو فعل يشاركون به الناس حراكهم الشعبي للمطالبة بالإصلاح ، ثم سيخرجون على شعوبهم كما خرجوا علينا أول أمس بالقول إنا كنا معكم !!! أي تيار وأي دعوة وأي إصلاح يريدونه و ينادون به ، انتهازيون ومنافقون لا يتورعون حتى عن ضرب الأردن وتهديد أمنه واستقراره وتشجيع المتطرفين وحثهم الخروج على الناس ومحاربتهم وتكفيرهم ومناشدتهم باستخدام ما هو اخطر وأقوى من السيف والخنجر ! إن لم تلجم وتضرب تلك الثلة من منافقي الأمة الجدد وأولئك الخوارج عن إجماع الناس وحب الوطن والحفاظ على استقراره وأمنه ، فأن فساد المال والمنصب الذي نعاني منه لن يعد أكثر من سحابة صيف عابرة أمام دمار وإعصار قد يفتك بالوطن برمته ويجعل منه مسرحا ووطنا لتصفية الأوطان المحتلة أو لتصفية الحسابات والصراعات الإقليمية والدولية وعلى الطريقة اللبنانية اوالعراقية أو الأفغانية ، ويغدو قرية لا حول لها ولا قوة ، ضعيفة في إمكاناتها وحكمها وقدرتها على النمو والاستقرار ، وسيعاني الناس ما يعانوه جراء تلك المعضلات إن بقيت حاضرة في أوطاننا دون ردع ودون ضبط وتحكم . فهل يتنبه نظامنا السياسي وحكوماتنا المتعاقبة لمثل تلك الأخطار الداخلية التي يقودها وبكل أسف ثلة من أبناء الوطن من خوارج الأمة الجدد !