خطيب الجمعة وربطة العنق

حين صعد خطيب الجمعة، يوم أمس على منبر رسول الله في مسجد عثمان بن عفان، نظرت اليه بروح الدهشة، فهو خطيب يرتدي ملابس رسمية، جاكيتا وبنطالا وربطة عنق، خلافا للنمط السائد في مساجدنا حيث الدشاشة والحطة والعباءة والى غير ذلك من طراز تعودنا عليه . أعترف أنني ظلمته بيني وبين نفسي، وحادثت نفسي بالقول: إنه خطيب جاء بشكل عابر لتعبئة شاغر حدث أو ربما لانشغال إمام المسجد صديقنا الشيخ ابراهيم المقدادي بأمر ما، ومضت طقوس الصلاة ونهض الامام لأداء خطبة الجمعة على غير المعتاد في مساجد البلد وتحدث بلا ورقة وبلا جهاز تابلت، وبلا محاولات لأستكمال الخطبة بسرعة . وكانت الدهشة تأخذ طريقها عندي حيث اكتشفت أنه متفتح، ويخاطب العقل بطريقة علمية وعقلانية رغم بساطة الخطبة واقتصارها على موضوع « الصلاة على النبي» لكنه دخل بثقافة واسعة وعلم متمكن منه وعقل متفتح يطرق الابواب بسهولة ويسر وبربط الاحداث ربطا جليا واضحا على غير المعتاد في مساجد صليت الجمعة فيها . إنها روح عصرية متمكنة قادرة على إيصال أهداف الخطبة بصورة جلية وواضحة، تنطلق من العقل والايمان وتخاطب القلب والوجدان، هذا هو النمط الذي نريده من خطباء الجمعة في كل مساجدنا، نبتعد فيها عن تغيب العقل ونقرأ الاسلام بصورة صحيحة مقتدرة وتنفتح على روح الايمان وفق رؤية عصرية تبتعد عن الحديث غير الصحيح، وتربط أحكام الشريعة بروح عقلانية واضحة المعالم دون تغييب للعقل والثقافة، ودون ابتعاد عن روح الاسلام . أعترف أنني ظلمته للوهلة الاولى، واعترف أنني سعدت بروح الخطبة العصرية والعقلانية التي لم تبتعد عن روح الاسلام الحقيقي، نتمنى على وزارة الاوقاف أن تبحث عن مثل هذا النفر من علماء الدين؛ وهم كثر في بلادنا ومنهم من يتصدر المحطات الاذاعية مثل: الشيخ الجليل زيد المصري وآخرين، وتقفل أبواب الجمعة أمام مَن يغيبون العقل والدين عن مساجدنا ويكفرون بلا علم وأحيانا إخرى بجهل . شكرا لك يا خطيب الجمعة الذي لا أعرف اسمه ولا اعرف من هو حتى اللحظة وبارك الله بك وبعلمك وعلى طريق الخير نلتقي