مـن أيـن لك هـذا؟
يعتقـد وزير الإعلام الأستاذ طاهر العدوان أنه اكتشف الوسيلة التي تقض مضاجع الفاسدين، وهي إصدار قانون من أين لك هـذا؟.
إذا كان صـدور مثل هذا القانون يقضي على الفساد، فلماذا لا نجد مثيلاً له في بلدان العالـم، ولماذا لا تطالب به هيئات الشـفافية المحلية والدولية، ولماذا يبقى مجرد شعار لاستعمالات الإعلام السياسي.
حقيقة الأمر أن مثل هذا القانون لن يمس الفاسدين، بل يدعوهم لتهريب أموالهـم إلى الخارج، وبذلك تنشـأ حركة هروب رأس المال، ليس من قبل الفاسدين وحدهـم، بل من قبل الآخرين أيضاً الذين حققـوا ثروات صغيرة أو كبيرة بالوسائل المشروعة، ولكنهم لا يريدون أن يتعرضوا للمساءلة حـول مصادر أموالهم خلال السـنوات، لأن مجـرد إخضاع بريء للاستجواب المالي يشـوه سمعته.
الجهة التي لها حـق طرح السؤال: (من أين لك هـذا) هي دائرة ضريبة الدخل، فمن حقها أن تبحث عن دخول واضحـة وتراكم ثروات لم تـرد في إقرارات المكلف الضريبية، وهـذا لا يحتاج إلى قانون آخـر غير قانون ضريبة الدخل.
في آخـر رقم معلن لاحتياطـي البنك المركزي من العملات الأجنبيـة، وهو مقياس لحركة رأس المال الواردة والصادرة، اتضح أن هناك تراجعاً خلال الشهرين الماضيين في حـدود 900 مليون دولار، مما يؤشر إلى حركة غير صحية لرأس المال الأردني.
لا اسـتطيع الزعم بأن خروج هذا المبلغ خلال شـهري شباط وآذار، يعـود فقط لدعوة وزير الإعلام لإصدار قانـون من أين لك هذا، فقـد يكون للمناخ العام الإقليمي والمحلي، وحركـة الإضرابات والاعتصامات والاحتجاجات دور في ذلك.
الفكرة التي أطلقها وزير الإعلام تنطلق من قاعدة وطنية حسـنة النيـة، ولكنها لا تحقق الهدف المنشـود، وتـؤدي في التطبيق لنتائج غير مرغوب فيها.
الأستاذ طاهر العـدوان إعلامي لامع ولكنه ليـس اقتصادياً لكي يقترح قوانين اقتصادية ومالية قد يكون لها آثار جانبيـة غير محسوبة. وإذا كانت لديه أفكـار حول الموضوع، فمـن المفيد أن يناقشـها مع وزير المالية ومحافظ البنك المركزي ومدير دائرة ضريبة الدخل.
النوايا الحسـنة مطلوبة ولكنها غير كافية.