الطاقة النووية - البرنامج النووي
الطاقة النوويّة في الأردن
ما لها وما عليها
مشروع البرنامج النووي الأردني (2)
يعتبر مشروع البرنامج النووي الأردني هو ركيزة عمل هيئة الطاقة النوويّة وقد قوبل هذا البرنامج احيانا عديدة برفض شعبي وعدم قبول من شخصيات نيابية ونقابيّة واحزاب عديدة في الأردن لأسباب كانت تطرح من وجهة نظر سياسيّة وتعتمد في الغالب على كسب عاطفة الشباب وتضرب على الوتر الحسّاس لديهم وهو رفض التعاون مع الكيان الصهيوني في أي ظرف كان دون الخوض في اهميّة هذا البرنامج وضرورته للإقتصاد الأردني بمختلف قطاعاته وخاصّة توليد الطاقة الكهربائيّة حيث تعتبره الحكومة مشروعا استراتيجيّا بإمتياز .
والبعد الآخر الذي كانت تبرِّر فيه المعارضة رفضها للبرنامج هو البعد البيئي خاصّة فيما يتعلّق بحاجة تبريد المفاعلات لكميات مياه كبيرة في الوقت الذي يحتاج الأردنيِّين لمياه الشرب خاصّة وان الأردن يعتبر ثاني أفقر بلد مائيّا , إضافة الى البعد البيئي وخاصّة اخطار التسرُّب الإشعاعي على الإنسان والصحّة العامّة مستشهدين بامثلة مثل تشيرنوبل وغيره .
والبرنامج النووي الأردني هو خطة عمل عامة، بعيدة المدى، وضعت عام 1986، في سياق الجهود التي كانت ترمي، إلى إدخال وتعميم استخدامات الطاقة النووية في الأردن. ولقد اشتملت هذه الخطة على المجالات التي تستخدم فيها الوسائل النووية، في مجال الخدمات والتنمية المختلفة؛ والمشاريع التي يتوجب القيام بها لهذه الغاية، في ثلاثة فترات زمنية، ومتطلبات العمل، من التمويل والأيدي العاملة والتدريب وغيرها. ولقد اعتمد البرنامج من الحكومة الأردنية؛ وترجم إلى اللغة الإنجليزية، وأرسل إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا، لتقديم الدعم اللازم له؛ ضمن برنامج المساعدات التي تقدمها للدول الأعضاء؛ وظل يشكل المحور الرئيس الذي تدور حوله المشاريع والأنشطة النووية، في جميع مراحل العمل لإدخال الطاقة النووية إلى الأردن، وحتى الآن .
وتستخدم التكنولوجيا النووية في مجالات واسعة ومختلفة كتوليد الطاقة (الكهرباء والحرارة)، والتشخيص والعلاج الطبيّين ؛ والصيدلة ، والأحياء ، والزراعة ، والصناعة ، والجيولوجيا، والتعدين ، ودراسات الآثار والمخطوطات، والكشف عن مصادر المياه الجوفية، وحركة المياه السطحية ، وفي البحوث العلمية، في الفيزياء والكيمياء والأحياء وغير ذلك .
وفي مجال الطاقة بالذات تعتبر الطاقة النووية المصدر الوحيد، المثبت علمياً وعملياً، حتى الآن ، كبديل لمصادر الطاقة البديلة ( كالفحم والنفط والغاز)، التي باتت وشيكة النضوب، ما يستلزم العمل على تطوير العلوم والتكنولوجيا النووية في المملكة ، من الآن وحتى تتمكن البلاد خلال العقدين القادمين، من إرساء الأسس اللازمة لإعداد البنية التحتية الأساسية الضرورية لدخول الحقبة النووية.
وبدأ استخدام الطاقة النووية في الأردن في أوائل السبعينات في مجالين رئيسين، هما الطب والمياه وذلك كما يلي :
• ففي المجال الأول: تم حتى الآن تطوير ثلاثة مراكز للطب النووي والعلاج بالأشعة، في: مدينة الحسين الطبية، التابعة للخدمات الطبية الملكية ( القطاع العسكري)؛ ومستشفى البشير التابع لوزارة الصحة ( القطاع المدني)؛ ومستشفى الجامعة الأردنية، ( القطاع التعليمي).
• وفي مجال المياه: تمّ في سلطة المياه إنشاء مختبر لاستخدام النظائر المشعة في دراسات وبحوث المياه. ويعتبر هذا المختبر من الناحية التجهيزية هو الأول في منطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية ؛ وأمكن تطويره لكي يصبح مركزاً إقليمياً كي يساعد في إجراء الدراسات والبحوث والتدريب، في مجال المياه في المنطقة.
وفي السنوات الأخيرة توسعت الأنشطة النووية، في المملكة ، إذ تم تطوير مشاريع ومرافق نووية جديدة، كالمسارع النووي الأردني ومختبر الكيمياء الإشعاعية، في الجامعة الأردنية، اللذين يستخدمان في البحوث العلمية؛ والمسارع الخطي، في مستشفى البشير، الذي يستخدم لغايات العلاج الطبي بالإشعاع.
ولقد استلزم انتشار استخدام التكنولوجيا النووية ضرورة الاهتمام بوقاية العاملين في هذه المجالات من الإشعاع، كما أن سهولة انتقال الإشعاعات المؤينة والغبار الذري من البلاد المجاورة، وحتى البعيدة، يستلزم إنشاء منظومة للرصد الإشعاعي البيئي والإنذار المبكروذلك لرصد أي تسرب إشعاعي ضار.
بالإضافة على ما تقدم فلا زال هنالك الكثير من المجالات التي يمكن تطويرها، وتحسين جدواها الاقتصادية باستخدام التكنولوجيا النووية وخصوصاً في مجالات الزراعة والتنقيب عن المعادن.
وتعمل وزارة الطاقة منذ إنشائها بالتعاون مع المؤسسات والدوائر ذات العلاقة على توسيع إستخدامات التكنولوجيا النووية في المملكة، وعلى تطوير تلك الاستخدامات؛ وذلك من خلال قسم خاص فيها هو قسم الطاقة النووية.
ولتطوير استخدامات التكنولوجيا النووية في الأردن استعداداً لدخول الحقبة النووية، دخولاً علمياً مخططا، ولتوفير الوقاية للعاملين وللجمهور من أخطار التعامل بالتقنيات النووية، ومن خطر التسرب الإشعاعي نتيجة الحوادث النووية: قامت وزارة الطاقة والثورة المعدنية، عام 1986، بوضع أسس لبرنامج نووي أردني ينفذ على ثلاثة مراحل وهي المرحلة الأولى (1986 – 1987) وتعتبر مرحلة تمهيدية يصار فيها إلى إعادة دراسة الإمكانات والأنشطة النووية والتوصية بتنظيمها وتطويرها, يليها المرحلة الثانية (1988 – 1990)وتعتبرمرحلة الإستعداد و إنشاء المرافق الضرورية لتطوير البنية التحتية الأساسية ، وتشمل هذه المرحلة على إنشاء مركز نووي للبحوث والتدريب يضم مفاعلاً نووياً صغيراً بحدود 20 كيلو واط , وأخيرا المرحلة الثالثة (1991 – 2000)والتي تعتبر مرحلة تعزيز البنية الأساسية وتطوير القوى البشرية، وإنشاء مرافق متقدمة لإنتاج الوقود النووي .
وأهم عناصر مشروع البرنامج النووي الأردني هو متابعة وتطوير الأنشطة والمشروعات القائمة ومنها التشريع والتنظيم كقانون الطاقة النووية والوقاية الإشعاعية و اللوائح و التنظيمات والتعليمات المتعلقة به ,وكذلك تشغيل المختبر الوطني للوقاية من الإشعاع , وتشغيل مختبر النظائر البيئية في سلطة المياه .وايضا تشغيل مختبر الكيمياء الإشعاعية في الجامعة الأردنية , وكذلك تطوير عمل المسارع النووي الأردني لإجراء البحوث التطبيقية وبحوث تحليل التنشيط النووي ,إضافة إلى متابعة وتطوير العمل في مراكز الطب النووي والعلاج بالأشعة في مستشفيات البشير والجامعة الأردنيّة ، ومدينة الحسين الطبية ,وكذلك تشغيل مختبر الإستشعاع السيني في قسم الفيزياء في الجامعة الأردنية.
كما يشتمل البرنامج النووي على العديد من المشروعات والتطبيقات والإستخدامات في العديد من النشاطات التنمويّة في الأردن الأغلى والأعز سأتطرق لها في حلقات قادمة .
احمد محمود سعيد
البناء الأخضرللإستشارات البيئيّة
9 / 12 / 2015