تركيا تبحث عن أسواق بديلة بعد فرض العقوبات الروسية

أخبار البلد-

بدأ عديد من القطاعات في تركيا البحث عن أسواق بديلة لتعويض الخسائر المحتمل حدوثها نتيجة إعلان موسكو جملة عقوبات اقتصادية بحق تركيا على خلفية إسقاطها مقاتلة روسية على الحدود مع سورية الشهر الماضي.

وذكرت وكالة أنباء "الأناضول" أنه من المحتمل أن تكون دول أوروبا والشرق الأقصى وإفريقيا وأمريكا الجنوبية أسواقا جديدة لتركيا، وتعتزم موسكو فرض حظر على عدد من أنواع الخضراوات والفواكه الطازجة التي تستوردها من تركيا اعتبارا من الأول من كانون الثاني (يناير) المقبل، وعلى رأسها الطماطم والبصل والبروكولي والقرنبيط والخيار، إضافة إلى البرتقال والتفاح والكمثرى والفراولة والعنب.

ويزيد إجمالي قيمة ما سيحظر استيراده من خضراوات وفواكه تركية على 750 مليون دولار، حيث ستطرح تركيا هذه المنتجات في أسواقها الداخلية وعدد من أسواق أوروبا الشرقية ودول الشرق الأقصى.

وأوضح مسؤولون أتراك في قطاع إنتاج اللحوم البيضاء أن السوق الروسية لا تعد من الأسواق المهمة بالنسبة لهم، وأن بإمكان قطاعات الملابس والجلود والنسيج تعويض خسائرها عن طريق التصدير إلى بلدان أخرى.

وفيما يخص قطاع المقاولات، أوضح القائمون على هذا القطاع أن تركيا لديها استثمارات تقدر بمليارات الدولارات في روسيا، وأن أكثر من عشرة آلاف عامل تركي يعملون في روسيا، مشيرين في هذا السياق إلى أن بإمكان قطاع الإنشاءات التوجه نحو أسواق إفريقيا وإيران وأمريكا الجنوبية.

ومن المنتظر أن يتم تفادي الخسائر المحتملة عن تراجع توافد السياح الروس إلى تركيا من خلال التركيز على السياح القادمين من أوروبا، حيث أوضح المسؤولون في هذا القطاع أن إلغاء تأشيرة الدخول بين تركيا ودول الاتحاد سيسهم في زيادة عدد السياح الأوروبيين القادمين إلى أنقرة.

وفي هذا السياق، قال ماهر أونال، وزير السياحة والثقافة التركي، إن الحكومة تدرس اتخاذ تدابير هيكلية، للحيلولة دون تأثير الأزمة التي تشهدها بلاده مع روسيا في القطاع السياحي، لافتا إلى أن حجم السياحة السنوية في تركيا، يبلغ 35 مليار دولار.

وطمأن الوزير، العاملين في مجال السياحة في تركيا، بأن الحكومة لن تسمح بتضرر القطاع السياحي، موضحا أن وزارته تسعى إلى جذب السياح من الهند وبلدان شمال إفريقيا، والشرق الأوسط، واتخاذ تدابير تحفيزية مثل تقديم الدعم المالي لرحلات الطيران السياحية.

ولفت أونال، إلى أن تركيا شهدت أزمات سياحية في وقت سابق، إلا أنها استطاعت الخروج منها بشكل أقوى، مؤكدا أن أولوية الحكومة التركية تكمن في عدم تعرض القطاع لأي ضرر في المرحلة الحالية.

ونوه أنوال بأن تركيا تحتل المركز السادس عالميا في السياحة، مشيرا إلى أنها حققت جميع أهدافها السياحية، ولم تتأثر من الأزمة المالية العالمية 2009، مشيرا إلى أن المرحلة الحالية تشهد حربا نفسية، للتأثير في القطاع السياحي، وهي محاولة لتغيير وجهة السائح الذي سيأتي إلى تركيا، داعيا السياح إلى عدم التأثر بتلك الدعاية السوداء.

من جانبه، أكد عمر فاردان رئيس مجلس إدارة العلاقات الاقتصادية الخارجية التركي، أن الإجراءات الاقتصادية التي ستتخذها روسيا ضد تركيا، ستعود بالضرر على كلا الطرفين، مضيفا أن الصادرات التركية إلى روسيا تراجعت بنسبة وصلت إلى حدود 40 في المائة خلال العام الجاري، وذلك نتيجة للمشاكل الاقتصادية التي تعانيها الأسواق الداخلية في روسيا.

وأشار فاردان، إلى أن الخسائر المحتملة في قطاع السياحة، مقارنة بقيمة الصادرات التركية، لا تعادل 1 في المائة من الناتج القومي الإجمالي للبلاد، وأن تركيا ستعمل على تعويض هذه الخسارة، عبر الانفتاح على الأسواق الأخرى مثل إفريقيا أو أمريكا الجنوبية أو إيران، مشيرا في هذا الصدد، إلى أن تركيا تعول كثيرا على الدول الأوروبية لتعويض هذه الخسارة.

وتابع فاردان قائلا "لاحظنا تغير نظرة الدول الأوروبية إلى تركيا عقب القمة التركية الأوروبية التي جرت أخيرا في العاصمة البلجيكية بروكسل، فالأوروبيون أدركوا أن مشاكل المنطقة لا يمكن حلها بمعزل عن تركيا، وآمل أن تصل العلاقات التجارية بين تركيا والاتحاد إلى مستويات عالية عقب بدء عملية إلغاء تأشيرات الدخول بين الطرفين".

وفيما يخص المواد التي تستوردها تركيا من روسيا، فإن مادة زيت بذور دوار الشمس، تأتي في مقدمة المواد التي تستوردها تركيا من روسيا، فقد بلغت قيمة الصادرات الروسية إلى تركيا من هذا الصنف خلال شهر تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، 601 مليون دولار، ويعادل هذا الرقم 41 في المائة من إجمالي المستوردات التركية من الزيوت النباتية الحيوانية البالغة قيمتها الإجمالية مليار و465 مليون دولار.

وفي هذا السياق، صرح طاهر بويوك رئيس جمعية مصانع الزيوت النباتية، بأن موسكو ليست الدولة الوحيدة التي يمكن استيراد الزيوت النباتية منها، مشيرا إلى أن الممارسات الروسية ضد رجال الأعمال الأتراك أخيرا، لا تتوافق مع القيم الإنسانية.

وأضاف بويوك أن إنتاج تركيا من مادة الزيوت النياتية، يبلغ 1.2 مليون طن، ونحن نستهلك سنويا ما يقارب 2.5 مليون طن، ورغم أن روسيا من البلدان المهمة بالنسبة لاستيراد هذه المادة، إلا أن موسكو ليست الوحيدة التي يمكننا استيراد الزيوت النباتية منها، ويمكننا أن نؤمن احتياجاتنا من أوكرانيا وبلغاريا ورومانيا ومولدافيا والأرجنتين.

ويحتل قطاع الحبوب حيزا مهما في العلاقات التجارية بين تركيا وروسيا، فقد بلغت قيمة الصادرات الروسية إلى تركيا من هذه المادة حتى نهاية تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، 718 مليون دولار، أي ما يعادل نصف قيمة المستوردات التركية الإجمالية من الحبوب، والبالغة مليار و446 مليون دولار.

وأوضحت غولفم أرن رئيسة جمعية موردي الحبوب، أن تركيا تشتري القمح والذرة بأسعار مخفضة من روسيا، وأن أنقرة ستضطر للتوجه إلى أسواق أخرى في حال أوقفت روسيا تصدير هذه المواد إلى تركيا، مشيرة في الوقت ذاته، إلى أن أوكرانيا ودول الاتحاد الأوروبي، ستكون على رأس الأسواق البديلة لروسيا فيما يخص استيراد الحبوب.