مجنونٌ يسألُ وعاقلٌ يُجيبْ...؟!



مجنون يسأل وعاقل يُجيب...

ما يجري على ساحتنا منذ عام تقريباً؛ يدفعك دون تردّد أو تحسر في الانضمام  إلى عالم المجانين، لعلك أن تحصل ولو على حكمة واحدة من أفواههم؛ تلك الحكمة التي أضحت لا لون ولا طعم ولا رائحة لها عندما تستقبلها من ألسنة وعقول حكماء هذا الزّمن المنافق المتناقض الرّديء.

يا من تعتبرون أنفسكم عقلاء؛ عندي لكم أسئلة...، فأرجو منك أن تقبلوها منّي بصدرٍ رحب، فالعتب دوماً على العاقل مثلكم لا على المجنون مثلي، فهلّا ضبطتم أعصابكم وكبتّم إنفعالاتكم؟ فلعلكم بعد الإجابة بصدق وتجرّدٍ وأمانة على مجمل أسئلتي التي ستأتي؛ تعترفون بأغلبيّتنا المجنونة التي جُنّت بفعل حكمتكم المزعومة المدروسه.

السّؤال الأوّل: ماذا يعني إجراء حوار وطني في ظل وجود ميثاق وطني وأتفقت عليه جميع الأطراف وأيّده الشّعب الأردني ورضي به لجميع المراحل السّابقة و الأتية والمستجدِّة، ومن صاحب الحق في اختيار رئيس وأعضاء لجنة الحوار، ولماذا هؤلاء الأعضاء بعينهم، وهل يملكون كامل الصّلاحيّات وما هي ومن المانح لها إن كان الجواب نعم، وهل لهذه اللجنة أهداف أخرى لم يطّلع أو يعرفها المواطنون، وهل الأردنيّون بجميع أطيافهم السّياسيّة وغيرها مختلفون في مطالبهم الجوهريّة  والأساسيّة حول برنامج وقانون إنتخاب عصرييين أو مكافحة الفساد والقضاء على الفاسدين، أو توزيع الثّروة بالعدل، وتكافؤ الفرص...وغيرها، ثمّ مالذي نفعله منذ عام 1989 بداية الديموقراطيّة ولغاية الآن في كافة وسائل الاعلام والمقاهي و الصّالونات السياسيّة و(الفيس بوك)، و (التوك شو)، ومسيرات الاصلاح والبيانات، والاعتصامات...، أليس هذا أيّها العقلاء هو الحوار الوطني الصّادق الأبلج المُبلج (رأس النّبع)؟ فلماذا إضاعة الوقت بلجنة حوار لا ثقة فيها ولا منها فائدة تُجنى ولن تجبّ ما قبلها، فمطالبنا الشّعبيّة معروفة محدّدة وواضحة كوضوح الشّمس في كبد السّماء وليست بحاجة لا لحوارِ ناقةٍ أو خِوارِ جمل؟؟؟!!!

السّؤال الثّاني: مالمعنى من أن تجري محاكمة وحبس الفاسدين الصّغار بينما الفاسدون الكبار لا زالوا هم المشّرعون و المُنفّذون والمراقبون لجميع مناحي حياتنا (جوزك وإنْ راد الله)، ولا زالوا يتمتّعون بالألقاب والمناصب والمميّزات، وهم يعلمون مع أنفسهم ونعلم أنّهم (من برّه الله الله ومن جوّى يعلم الله)،  وأيّهما أهمّ وأولى؛ مُحاكمة الفساد نفسه وسجن قادته أم جُنوده، رأسه أم أطرافه...، وهل تموت الحيّة إلّا بقطع رأسها، أم معتمدون فقط على جرح ذيلها إلى أن يأكلنا وإيّاها الدّود معاً؟؟؟!!! خذوني على قدر عقلي وافهموني هذه فقط.

السّؤال الثالث: لما لم يتمّ الآن منع سفر كل من حوله شبهة فساد، ويتم التّحفّظ على أمواله المُهرّبه في الدّاخل و الخارج، ويتم له محاكمة عادلة، فمن تثبت براءته نتركه وماله، ومن تثبت إدانته نتركه وسجنه دون ماله، أم ننتظر لحين قيام الفاسدون بتسوية أمورهم واعدامهم للأدلّة ومن ثمّ نقوم بعد (أن تطير الطّيور بأرزاقها)؛ بمخاطبة البنوك العالميّة لتجميد أموالهم المنقولة وغير المنقولة؟؟؟!!! (كعاقبين الشّتا بفروه). 

السّؤال الرّابع: هل لديكم أيّها العقلاء حلّاً أخراً غير أنّكم تدفعون بالجميع رغبة وقسراً للنّزول إلى الشّارع ورفع مطالبهم المشروعة مرّة واحدة ولن يغادروا حينها إلّا بعد تنفيذها جميعاً ويردّدون ما قاله خالد الفيصل (تناسيني بنفس الموعد الّلي به ذكرتيني....أنا ماقدر أعيش اللي بقالي من العمر باوهام)، فهل لديكم حينها حلّاً غير ترديدكم لكلمات أغنية السّاهر (خلّي المصايب وحده وحده ...ولا كلهن إتصبهن عليّا)؟؟؟!!! إن كان هناك حلّاً أخراً؛ عليكم عاجلاً وليس آجلاً ذكره وتنفيذه.

السّؤال الخامس: ما معنى أنّ هناك مجلس نوّاب لا زال قائماً وقد أطيح به بعد نزع الثّقة عن حكومة قد حصلت منه على كلّ الثّقة بعد أقلّ من شهر، وأقيلت على مرأى ومسمع كلّ المجانين الشّرفاء الصّادقين...، فكيف لكم أيّها العقلاء أن تفسّروا لنا هذا التناقض أو تقولون لنا مالحكمة من وراء ذلك...؟؟؟!!

وسأكتفي لأودّعكم بهذا القدر من الأسئلة غير المنطقيّة المجنونة والتي تصدر لعاقل من لسانِ وعقلِ مثلي أجدبٍ مجنون، وعلى أمل الّلقاء بكم مجدّداً مع مجموعات من مجانين حكماء ولا يقفون عند سؤالٍ أو محاورة، وليس لديهم الوقت لسماع أجوبة مستهلكة رخيصة ومهما كان نوعها ومستواها، فعدم ثقتهم المتزايدة، وملّهم الانتظار، وغياب المنطق في جلّ حياتهم؛ تجعلهم يتّبعون مبدأ سأنفّذ ثم سأناقش...، وسيكون مطلع أغنية كل واحدٍ منهم: (أنا ماقدر أعيش الّلي بقالي من العمر باوهام).

فالحذر الحذر من أن يجد النّاس بعد حين أنّ من وضعوا فيهم محبّتهم وثقتهم قد حوّلوا حياتهم وآمالهم ورغباتهم وميولهم إلى عبثٍ وسرابٍ وأوهام...، فمن منّا مجنون أو مجنون أو مجنون؛ لا يعلم أنّ لكل فعلٍ ردّة فعل مساوية  له بالقوّة ومعاكسة له بالاتجاه...؟