غضب النواب.. هل وراء الأكمة ما وراءها؟!


نهاية الأسبوع المنصرم، قامت الدنيا ولم تقعد نيابيا، وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، بعد أن رفعت الحكومة رسوم ترخيص المركبات، وسعر أسطوانة الغاز، فارتفعت بالأثر، وتيرة الغضب النيابي حتى وصلت لدرجة الغليان والتهديد بطرح الثقة بالحكومة.

مجلس النواب، الذي دخل توا إلى دورته الثالثة، والتي يبدو أنها الأخيرة له - إلا إذا كان في العمر بقية، وهو قرار بيد صاحب القرار في هذا الشأن وهو جلالة الملك- رفع من وتيرة غضبه عبر الـ"واتساب"، فتوافق النواب على خطوات تصعيدية، كانت نتيجتها تصريحات نارية، وبيانات غير مسبوقة، وتهديد ووعيد، ما دفع الرئيس د.عبدالله النسور للمسارعة لعقد اجتماع "ترطيبي" مع رئيس المجلس والمكتب الدائم للوقوف على ما يجري، والوصول لحلول توفيقية.
بديهيا، ودستوريا، فإن من حق مجلس النواب اتخاذ خطوات رقابية ضد الحكومة، ومن حقه تكثيف رقابته على الأداء الحكومي، سواء أكان ذلك في دورته الأولى أو الأخيرة، والتي تمثل سنة التخرج بالنسبه له، ومن هنا فإنني شخصيا لن أتوقف عند نتيجة ما جرى في لقاء النسور بالمكتب الدائم للنواب، وما تم التوصل إليه، وإنما ما يهمني بشكل أوسع هو مناقشة الدور الرقابي للمجلس وآلية استخدامه، ومعرفة التوقيت الذي يتوجب استخدامه به، بحيث لا يغدو السؤال والجواب والاستجواب والمناقشة العامة عبارة عن حفلة كلام في كلام من دون نتيجة نهائية.
المراقبون والمتابعون، ظنوا للوهلة الأولى بعد مشاهدة حجم الرفض النيابي -وفي بعض الظن إثم- أن الضوء الأخضر لرحيل الحكومة قد اشتعل، مانحا المجلس الإذن بترحيل الحكومة، ولهذا تقاطرت البيانات الرافضة لتوجهات الحكومة، لدرجة أن المتابع اعتقد أن حكومة النسور لأول مرة، تتجرأ وتقوم برفع الأسعار، وأن ما أقدمت عليه كان عبارة عن غلطة غير مسبوقة، ويفترض أن لا تتكرر، متناسين أن المواطن اكتوى شهرا إثر شهر بنار الأسعار والغلاء.
الأمر الواضح أن الحكومة الحالية منذ ثلاث سنوات ونصف السنة تقريبا، اعتمدت سياسة اقتصادية تقشفية، وذهبت لرفع الأسعار مرة تلو مرة، وفي كل مرة لم يستطع أحد وقفها، فكنا نسمع بين فينة وأخرى، تصريحات نيابية خجولة ضد متوالية رفع الأسعار، وفي كل مرة كان مجلس النواب يمرر موازنة الدولة، والتي كانت تتضمن رفعا للأسعار، بل وسبق أن مرر المجلس موازنة تضمنت رفع أسعار الكهرباء.
إذن، ما الذي جرى الأسبوع الماضي، وما الأمر الذي جعل المجلس يدخل بكل كتله وينتفض ويتحرك؟ وهو الذي سكت طويلا على سياسات الحكومة الاقتصادية، التي كان يشتكي منها المواطن، لا بل منحها الثقة مرة تلو مرة، فلماذا تغير المشهد حاليا؟ ولماذا شدّ النواب "الحيل" حاليا؟ وهم أنفسهم سبق لهم أن طرحوا الثقة بالحكومة، وكانت النتيجة ثقة جديدة، فكانت نتيجة ذلك تعميق الشرخ بين النواب والناس، واهتزاز صورة المجلس.
إذن، هل ما جرى نهاية الأسبوع الماضي، وما سيجري لاحقا عبارة عن حراك سنة أخيرة تخرج، وهو ما كنا نلمسه في كل سنة اخيرة عند كل مجلس نيابي؟ وهل هي محاولة لترميم صورة المجلس عند الشارع؟ هل هو تحرك للإطاحة بالحكومة واستحضار حكومة أخرى، تقدم شكلا مختلفا عما قدمته الحكومة الحالية من إصلاح سياسي؟ هل لذلك كله علاقة بقانون الانتخاب الموجود في المجلس؟ وهل ما جرى تنفيس لرفض نيابي لقانون الانتخاب، ولكن بشكل غير مرئي أو ملموس؟
فأسعار الخضار والمواد الأساسية ارتفعت مئات المرات، بوجود المجلس الحالي، كما ارتفعت أسعار الدفن، وتعرفة عقود الزواج، والضريبة وغيرها، من دون أن تتحرك المنظومة النيابية، فيما تحركت في هذا الوقت الذي بات على المجلس تكريس مفهوم الإصلاح بإقرار قانون الانتخاب الموجود في المجلس، فهل وراء الأكمة ما وراءها؟ دعونا ننتظر ونرَ.