الإسلام فوبيا ومعاداة السامية

    أخبار البلد -
 
الغرب، منذ فترة طويلة، وهو ينظر للعرب والمسلمين نظرة عدائية عكس النظرة التي ينظر بها لاسرائيل واليهود في كل دول العالم، والأزمة هذه دعت كبار المفكرين الاميركيين منذ هنتنغتون وبرنارد لويس وفوكوياما لتخصيص اطروحاتهم او بعضها في معاداة الاسلام او ما يسمى في الغرب «الاسلام فوبيا».

وهذه النظرة الازدواجية ليس لها علاقة فقط، بالعمليات الارهابية التي تبنتها تنظيمات القاعدة وداعش ومن لف لفهم من متعاطفين في الدول الاوروبية والاميركية واستراليا وغيرها، وزاد من النظرة العدائية للمسلمين والعرب هذه الاحداث التي جاءت وفق نظرية تنظيم القاعدة «قتال البعيد» قبل «قتال القريب» لجلب البعيد لخوض المعركة هنا.

والحقيقة ان خطابات بعض المسؤولين العرب والمسلمين، وابرزهم جلالة الملك عبدالله الثاني، الموجهة للغرب في كل المحافل التي يحضرها قد حسنّت كثيراً الصورة الحقيقية للعرب والاسلام.

ونحن، اليوم، بحاجة الى الترويج لمثل هذا الخطاب الاسلامي المعتدل في كافة وسائل الاعلام الغربية والعالمية، والسؤال المطروح هنا: اين اصحاب المليارات من اغنياء العرب من استثمار بعض اموالهم لتوجيه القنوات العالمية من اجل دعم هذا الخطاب المعتدل، بدلاً من استثماراتهم في مشاريع فاشلة او لا تفيد العرب والمسلمين.

وحتى لا نضع جميع المفكرين الغربيين في بوتقة واحدة، فهناك من يُدافع عن الاسلام، ليس انطلاقاً من محبتهم للاسلام، بل ايماناً منهم بقيم الحرية والمعتقد في مجتمعاتهم، فالفيلسوف الفرنسي ميشال اونفري يقول في مقابلة متلفزة مع قناة فرنسية قبل أشهر «المشكلة ليست مشكلة اسلام بل عنصرية، ففي حادثة شارل ابيدو لماذا لم تقل الحكومة للصحفيين: توقفوا عن الاساءة لرسولهم، في حين قالت لنفس الرسامين لمّا رسموا شعار اليهود انه عمل مخجل لكم وعليكم الاعتذار لليهود».

معاداة السامية مصطلح يهودي خوّفوا فيه كل من يهاجم اسرائيل واليهود في العالم، وهم تحت هذه الحجة ينظمون العرائض والدعاوى القضائية والاحتجاجات وغيرها ضد كل من ينتقد الهولوكوست، او المحرقة النازية، او يشكك فيها او يتهم اليهود بأي تهمة حتى لو كان يهودياً.

مثلاً، الكاتب والمفكر الاميركي من اصل يهودي بنيامين فنكلشتاين كتب كتاباً بعنوان «صناعة الهولوكوست» شكّك فيه بالأرقام التي يتحدث عنها اليهود وكشف زيف مطالباتهم المالية من اوروبا وخاصة المانيا وفرنسا وسويسرا، والتي يصفها بأنها اعظم قضية احتيال في العالم، حيث تمت حجة المحرقة وأموال اليهود في البنوك دفعت هذه الدول مليارات الدولارات حتى تتقي شرّ اسرائيل ولا تُتهم بمعاداة السامية.

بعد صدور كتابه، ورغم انه يهودي، ووالده وامه من الناجين من المحرقة النازية لم يشفع كل ذلك لفنكلشتاين فتم طرده من الجامعة التي يدرس بها واتهم بأنه «يهودي كاره لنفسه» وهي تهمة كبيرة تضاهي معاداة السامية ولم يجد جامعة اميركية تقبل به، وللأسف حتى الجامعات العربية وأصحاب المليارات لم يقفوا معه او يدعوه للتدريس في احد هذه الجامعات ومصيره هو مصير عدد من المفكرين، بمن فيهم يهود، الذين انتقدوا اليهود او شككوا في روايات الكيان الصهيوني، فماذا نحن فاعلون لمواجهة موجه الاسلام فوبيا؟ هل لدينا نفس أدوات اسرائيل واليهود ولماذا لا تتحرك كل السفارات العربية رفع دعاوى واقامة الاحتجاجات ضد كل من يُسيء الى الاسلام والعرب؟ ولماذا لا نستخدم هذه الاساليب وهي متاحة في الغرب وضمن قيمه لوقف الاعتداءات من اليمين الاوروبي ضد العرب واللاجئين والمسلمين، مليارات يملكها عرب ومسلمون، ومع ذلك لا يتحرك لهم جفن وغير مستعدين لذلك.

الحقيقة، اننا مقصرون جداً، والملامة تقع علينا وعلينا ان نفكر جيداً ونستثمر كل علاقاتنا لمنع الاساءة للمسلمين والعرب.

وهذه قضية كبيرة تحتاج الى تمويل ودراسات جامعية وقضايا في المحاكم وغيرها.