أموال البنوك ليست فائضة
تقول أرقام البنك المركزي ، وتنقل عنها الصحف ، أن الأموال (الفائضة) لدى البنوك والمودعة لدى البنك المركزي تبلغ حوالي ثلاثة مليارات من الدنانير.
يبدو هذا المبلغ كبيراً جداً ، ويعتقد البعض أنه يمثل رأسمال معطلاً ، ويتقدم عدد من ذوي الافكار (الخلاقة) بمطالبة البنوك بتوظيف هذه الأموال الفائضة في استثمارات مجدية بدلاً من تعطيلها في خزائن البنك المركزي!.
يذكر أن مجموع الودائع لدى البنوك التجارية يناهز 35 مليار دينار ، وأن البنوك تحتفظ بسيولة جاهزة ، يسميها البعض أموالاً فائضة ، قدرها ثلاثة مليارات من الدنانير ، أي أن السيولة المعدة لمواجهة سحب ودائع أو تقديم قروض وتسهيلات جديدة تقل عن 10% من الودائع وهي نسبة ليست عالية بأي مقياس ، ولا يجوز السماح لها بالهبوط دون هذه النسبة ، وبالتالي فإن المليارات الثلاثة لازمة وليست فائضة.
يستكثر أصحاب الاقتراحات أن يبقى عند البنوك سيولة جاهزة لتلبية طلب المودعين والمقترضين ولو كانت تقل عن 9% ، ومن هنا يقدحون زناد أفكارهم في اقتراح وسائل وأدوات استثمار هذه المبالغ الطائلة بشكل أو بآخر.
مدراء البنوك ليسوا من السذاجة بحيث ينظروا إلى هذه الاقتراحات نظرة جادة ، وما يعنيه ذلك من إضعاف المركز المالي لبنوكهم ، الذي تقاس قوته بسيولتها وجودة تسهيلاتها.
من واجب البنوك أن تحتفظ بسيولة جاهزة ، ليس من قبيل الأمان فقط ، بل للضرورة العملية أيضاً ، ففي المملكة نحو 800 فرع بنك في كل منها صندوق أو عدة صناديق ، وهناك حوالي ألف جهاز صراف آلي تودع البنوك في كل صندوق أو جهاز مبلغاً كافياً لتأمين مسحوبات المودعين ، وتحسب هذه المبالغ في ميزانية البنك كنقد في الصندوق ، ولكنها ليست أموالاً معدة للإقراض أو الاستثمار.
لا يجوز أن يغيب عن البال أن سيولة البنوك المحتفظ بها لدى البنك المركزي ، والتي توصف خطاً بالفائضة لا تعود لجميع البنوك بالتساوي أو بنسبة حصتها من السوق ، فالجزء الأعظم منها يعود لبنكين اثنين فقط ، لهما سياسة راسخة تعتمد على الاحتفاظ بسيولة عالية تجعل البنك آمناً ، وقادراً على تلبية طلبات المودعين الكبار بدون تردد ، وتقديم قروض كبيرة للمستثمرين المؤهلين، فضلاً عن الجهوزية لدعم فروعها في الخارج إذا تعرضت للضغط.
السيولة الكافية أهم عوامل الثقة بالبنك وهي رأسماله.