قرار غير مدروس

منذ تولي سلطاته الدستورية حث جلالة الملك الحكومات والمسؤولين على العمل لتحسين مستويات معيشة المواطنين، ومكافحة البطالة والفقر، بينما تصب السياسات المالية بعكس ذلك، حيث تستمر بفرض الضرائب والرسوم والغرامات على الغرامات التي تتيح مد اليد عنوة في جيوب المواطنين لاستجرار ما تبقى فيها من اموال التي بالكاد تفي بالاحتياجات الاساسية من مأكل ومشرب وخدمات، واحدث هذه القرارات المالية، نظام
تسجيل وترخيص المركبات الذي رفع رسوم تجديد تراخيص المركبات ورخص قيادة المركبات بشكل مجحف، واقل ما يمكن قوله ..ان النظام الجديد الذي دخل حيز التنفيذ يوم الثلاثاء الماضي، يرتب على مالكي المركبات وسائقيها اعباء اضافية لا قبل لهم بها، وان الهدف الاول والاخير للنظام هو زيادة الايرادات الحكومية، بمعزل عن المضاعفات المالية والاقتصادية لنتائج تطبيقات هذا النظام.


الاردن يعد من الدول التي تستوفي مبالغ كبيرة بدل رسوم ترخيص وتجديد تراخيص المركبات، وان اجراء زيادة كبيرة جدا ستلحق اضرارا بمالكي المركبات لاسيما من المركبات ذات المحركات المتوسطة والكبيرة، كما ستلحق اضرارا بسوق تجارة السيارات المحلي، وتخفض القيم السوقية لاعداد كبيرة جدا من المركبات وبالتالي الاضرار بممتلكات العامة.

هكذا قرار قد يكون مبررا في حال توفير الحكومات خطوط نقل للركاب كافية وكفؤة ومنتظمة، اي توفير بدائل للانتقال بكلف اقتصادية ومريحة، وهذا بمثابة امنية لم تستطع الحكومات تحقيقها، ويقينا انها تحتاج الى عشرات من السنوات لتحقيقها، وفي ظل واقع مؤلم لقطاع نقل الركاب اصبحت المركبات الصغيرة ملاذا للجميع تقريبا برغم تكاليفها الكبيرة من صيانة ووقود واقساط بنكية، ورسوم التجديد ومخالفات المرور، وجاءت ثالثة الاثافي لتضع المواطنين في ( خانة اليك) كما يقال، وتزيد الضغوط الاقتصادية الاجتماعية.

اما زيادة رسوم اصدار رخص قيادة المركبات هو الآخر غير منصف، اذ يفترض ان تُسعر رسم اي خدمة تبعا للجهد المبذول من قبل السلطات المختصة، وان منح الرخصة لا تستوجب هذه الزيادات والتصنيفات من رسوم الفحص النظري، والعملي، ورسم طبيب العيون الذي ينهي الفحص بدقيقة واحدة...
 
حالة التذمر التي سرت في اوساط العامة مفهومة، وان الانعكاسات لتطبيق النظام ستأتي على مرحلتين، الاولى بخفض قيم مركباتالمواطنين وتجار المركبات، والثانية لاحقا عندما يجدد المواطنون ترخيص سياراتهم، وهذه الكلف الكبيرة تضاف الى سلسلة لا تنقطع لسياسات قضم قدرات المواطنين على تلبية احتياجاتهم، وبالمناسبة ليست كل المركبات ذات المحركات المتوسطة والكبيرة مملوكة فقط للاثرياء، وانما للفقراء ومتوسطي الحال الذين تملكوا في لحظة ما سيارات دون الالتفات لسعة المحرك...مرة اخرى نظام تسجيل وترخيص المركبات...مجحف جانبه الصواب ولا يصوب تشوهات كما قيل عنه.