مكافحة العنف ضد المراة ...
مع تزايد سنوات العمل المؤسسي في مكافحة العنف ضد المراة في الاردن الذي اظهر على الساحة نتيجة الحاجة الملحة تشبيك مؤسسي مختص حمل في طياته إحالة المراة المعنفة وفقا لظروفها واحتياجاتها الى المؤسسة مقدمة الخدمة المختصة سواء كانت اجتماعية أوقانونيا أونفسية أوطبية اضافة لخدمات الإيواء والحماية والتمكين الإقتصادي، ومع تطبيقات الإطار التشبيكي بين المؤسسات الحكومية وغير الحكومية اضحى من الضرورة اشراك جميع فئات المجتمع الاردني للإعانة في نبذ العنف ضد المراة الذي لا يقوم على اي اساس علمي ولا يتفق والشرعة الدولية لحقوق الإنسان ان اشراك الجنس الآخر بجميع فئاته العمرية والتعليمية اصبح ضرورة لمساندة قضية المراة وفي سبيل ذلك نعرض لاهم ملامح العنف ضد المراة للخروج عن الافكار الشائعة المتداولة المحرفة لمفهوم مكافحة العنف ضد المراة المنتقصة من قيمته في مجتمعنا .
ويمكننا ابتداء تعريف العنف ضد المراة بانه اي تمييز ضد المراة على اساس بيولوجي يؤدي الى حرمانها من حقوقها الإنسانية ويؤدي الى اسناد الدورالأدنى لها في المجتمع ؛ وهو تمييز يؤدي الى تعنيفها اقتصاديا و/أو اجتماعيا و/أونفسيا و/أوجنسيا و/أوجسديا و/أوسياسيا و/أوقانونيا والتي تعبر عنها صور تقييد الحرية والإيذاء الجسدي والمنع من التعليم وتزويج القصر والحرمان من الحقوق المدنية والسياسية وغيره الكثير من صور العنف التي ترتكب بمواجهتها لمجرد كونها انثى وتؤثر سلبا على محيطها. وعندما نتحدث عن المراة المعنفة فنحن نتحدث عن النساء المعزولات عن العدالة الإجتماعية والقانونية بسبب الذهنية المجتمعية التي تربطها بمعنفها ارتباطا ثقافيا اجتماعيا واقتصاديا مما يجعل الخيارات امامها شحيحة في حال رفض معنفها تبادل الحوار وقبول التغيير نحو علاقة انسانية متوازنة وهن الشريحة الأكبر من النساء ولا تحد من قضيتهن المعدودات ممن تبوأن مناصب صنع القرار لاختلاف ظروفهن؛ اما عن المتسبب بالعنف فليس الرجل المتهم بشكل مطلق بل هو الذهنية المجتمعية التي تستند إلى عادات مجتمعية بالية وفهم خاطيء للدين والتي تؤثر في ذهنية مشرعي القانون والقائمين على تنفيذ القانون .
اما عن القانون نجده في احدى مواقفه الثلاث مميزا بشكل ايجابي كتدبير مؤقت لدعم المراة باتجاه المساواة كالكوتة البرلمانية للنساء والبلديات رغما عن الذهنية المجتمعية ، وفي موقف آخر نجد القانون غافلا عن تجريم العنف ضد المراة كتزويج القاصرات وبعض صور الاعتداء الجنسي كالتحرش اللفظي بهن على سبيل المثال وفي موقف ثالث نجده للاسف منظما للعنف ضد المراة كاقصائها من حق نقل جنسيتها لاولادها وتوقيف ملاحقة مغتصبها حال تزويجها منه . ان مكافحة العنف ضد المراة لا يعني المطالبة بحريتها كما يريد الكثير ان يعتقد...بل يعني تحريرها من القيود التي تجردها من انسانيتها ومواطنتها ويعني تهيئة مواطنة مسؤولة امام واجباتها بمواجهة الوطن والاسرة ويعني خلق علاقات مجتمعية واقتصادية متوازنة تشيد نسيجا متينا لدولة متقدمة؛ لان منح المراة لحقوقها هو منح الجنسية لأطفالها وشريكا واعيا داعما لزوجها وزيادة لقوى الإنتاج ومدرسة من الإثراء الثقافي لاجيال مجتمعها وفرصة اكبر لخلق علاقات مجتمعية اقتصادية مدنية متوازنة ودعما للانتماء الوطني وسيادة الدولة . إن العنف بمواجهة المراة هو عنف بمواجهة المجتمع لان شل قدرات عناصره يحد من كفاءته الوظيفية في جميع مناحي الحياة ......إن العنف بمواجهة المراة ليس قضية وطنية بل قضية وطن ومكافحته واجبنا جميع .
المحامية مرام مغالسة ناشـــطة حقوقيـــــــــة