التعداد السكاني ماله وماعليه
بالامس يدات عمليه التعداد السكاني مابين مؤيد ومشكك ومتسائل والبعض من المواطنين اعتقدوا بان المعلومات المقدمة للباحث الاحصائي هي من اجل الدراسات الضريبية او لأهداف سياسية ....الا ان الغرض الحقيقي هو تنموي وتعليمي .... وان المواطنة الصالحة تتطلب من الجميع الوقوف بجانب متخذي القرارات والمخططين عن طريق توفير معلومات دقيقة وواضحة عن حال الاسرة الاردنية
نعم فالتطلع لحياة أفضل حق لجميع الأفراد وصولاً إلى المستوى اللائق من المعيشة, وهذا يقاس عادة بمستوى الدخل واستخدام الموارد المتاحة والإمكانيات من جهة وبين عدد السكان من جهة أخرى, وهذا يرتبط عبر معطيات إحصائية تحلل الواقع للوصول إلى برامج وخطط تلبي المستلزمات والحاجيات المتنامية لأفراد المجتمع والعمل على إدارة الموارد المتاحة لتأمين الحاجيات التي تتصاعد حسب الزيادة السكانية ولحظها ليكون لها طابع الاستدامة بشكل أو بآخر, وبكل الظروف المشاريع التي تقام سواء كانت ذات طابع اقتصادي أم خدمي أم مجمل أشكال الاستثمارات يفترض أن تلحظ الضغط السكاني والتزايد وتعمل على إيجاد حالة من التوازن بين الإمكانات الاقتصادية وحاجيات الأفراد وفق خطط مبرمجة تأخذ معدلات السكان بعين الاعتبار, كل ذلك يتوقف على دقة المعلومات المقدمة التي ستعالج فيما بعد.
أمور كثيرة اصبحت تتوقف على لغة الأرقام باعتبارها الصورة الأقرب لمعرفة الواقع الحالي للانطلاق منها إلى رسم تصورات مستقبلية حول معطيات اقتصادية واجتماعية, ووضع الخطط وفق بيانات إحصائية دقيقة تحلل معدلات النمو السكاني وتعطي أرقاما دقيقة لمختلف الفئات العمرية, ومدى درجات التعليم الحاصلة عليها, عدد المساكن والتجمعات للوقوف على أسباب تمركزها في مكان وقلتها في مكان آخر, طبيعة هذه.
والذي جعلنا نتحدث بهذا الإطار هوالتحضيرات والاستعدادات التي تقوم بها دائرة الاحصاءات العامه لتنفيذ التعداد العام للمساكن والسكان والتعداد الزراعي, وحصر المنشآت
حقيقة ان التعداد السكاني في المملكة قد تأخر كثيرا وكان الاجدى ان يجرى قبل 4 سنوات لغايات الحصول على الارقام الدقيقة لأعداد اللاجئين السوريين وعدد المواطنين الاردنيين وبالتالي عدد المقيمين على ارض المملكه والتي مازالت الارقام الرسمية تتخبط لتعلن ان عدد المقيمين على ارض المملكة يقدر بحوالي 7 مليون نسمة, الان الارقام التي تحدث عنها جلالة الملك في لقاءاته تبين ان عدد سكان الاردن يناهز 11 مليون نسمة جراء اللجوء السوري ومن قبله العراقي والليبي.
يشار الى ان التعداد الخامس الذي نفذ عام 2004 كشف ان عدد سكان المملكة كان (1ر5 ) مليون نسمة بمن فيهم المقيمين والوافدين في الاردن في حين تشير التوقعات الى ان عدد سكان المملكة زاد الضعف خلال 10 سنوات.
من هنا عملت الحكومة على افراز (22) الف موظف مدرب ومؤهل مع ميزانية تقارب (22) مليون دينار رصدتها الحكومة لهذه الغاية بالإضافة إلى مساهمة مادية ولوجستية من قبل الجهات المانحة.
واهمية التعداد السكاني الواضح والدقيق يسهم في بناء الاستراتيجيات الاقتصادية الشاملة للمملكة. مثلما ان المعلومات الدقيقة والاحصائيات الشاملة عن السكان تمثل العمود الفقري في بناء الخطط التنموية للدولة.
و اهمية المعلومات والاحصائيات الدقيقة والتي لا يمكن انكار اهميتها لأي صانع قرار سياسي واقتصادي، وهي التي تعنى بالسكان والمساكن والتي تجري بالعادة مرة كل عشر سنوات.
وعمليه الاحصاءات تعطي قراءات مفصلية ومتنوعه كحجم العائلة الاردنية وعدد المساكن ونوعها وعدد الاطفال, وعدد المقيمين على ارض المملكة, وعدد المواطنين, وبالتالي تضع الحكومة خططا استراتيجية شاملة مبنية على هذه الارقام فتضع مخططات البنية التحتية ومعدلات الاستهلاك والمواد الغذائية والحاجات التعليمية والصحية, وكذلك القطاع الخاص يعتمد على هذه الاحصاءات في الاجابة على التساؤلات ماذا ننتج ولمن ننتج وكيف ننتج عن طريق معرفة الفئات العمرية للسكان وميولهم الاستهلاكي وتوزيعهم الجغرافي.
فالتخطيط السليم يستند على عملية الحقائق والارقام الدقيقة وبدونها لا يمكن بناء الخطط والبرامج المستقبلية.
وعدم وجود دراسات وارقام دقيقة حتى الان حول السكان وتوزيعهم الديمغرافي والجغرافي ومعرفة مستوى معيشتهم من خلال التعرف على مستوى الدخول يعني تأخير التنمية المطلوبة والتخطيط المستقبلي من بناء بنية تحتية واحداث فرص عمل في مناطق المملكة المختلفة واستغلال هذه الطاقات لغايات دمجها في المجتمع لحين عودتها الى بلدها الاصلي, ما سلف يفسر حالة التخبط حول ارقام النمو الاقتصادي المستقبلية وما سيؤول اليه الوضع خلال السنوات القادمة.
كما ان العمليه ونتائجا سيؤديان الى انتقال الاردن من مناطق ذات دخل المتوسط المرتفع الى ذات الدخل المتوسط المنخفض حسب تصنيفات المؤسسات الدولية وهذا بدوره يمكن الاردن من الحصول على المنح والمساعدات وجدولة وشطب ديون على المستوى الدولي لوجود الاردن في هذه المنطقة من التصنيف وبالتالي عدم مقدرتها وهي تقبع تحت مظلة الدخل المتوسط المنخفض احداث عمليات التنمية والنمو الاقتصادي.
من هنا حرصت الحكومة على ان يكون دور المواطن فاعلا وان يقدم الى الارقام والمعلومات بكل مصداقية لان هذه التعداد ليس لغايات تقديم الدعم ولا لغايات ضريبية وانما الهدف منه التخطيط السليم المستند الى ارقام حقيقية.
ولابد ان نشير الى ان التعداد السكاني يوفر قاعد بيانات فائقة الاهمية للقطاعين العام والخاص تتمثل بإمكانية دراسة واقع المحافظات بشكل ادق والاحتياجات بناء على ارقام واضحة تبين الفئات العمرية للسكان وجنسهم وتركيبة الاسر وبالتالي بناء خطط تنموية واضحة, كما توفر قادة بيانات رئيسية للجهاز المصرفي في بناء استراتيجياته الائتمانية.
كما ان التوزيع السكاني والكثافة السكانية تعطي رؤية واضحة للمستثمر عن مكان الاستثمار ونوع المنتج بحسب الميول الاستهلاكي ومعدلات الدخل المتوفرة وحجم الانفاق لكل اسرة.
وهذا العمل اعتقد انه ليس بالسهولة التي نتصورها, فهو بحاجة إلى تعاون المواطن نفسه من خلال تقديم البيانات المطلوبة والصحيحة, لأن هذه المعلومات لها فائدة كبيرة على المدى القريب والبعيد للاعتماد عليها وتحليلها لتكون منسجمة مع الخطط المستقبلية وبرامج التنمية.
وحقيقة إن غياب الوعي للمسألة السكانية والابتعاد عن رصدها وعدم إيجاد الحلول الناجعة للزيادات الحاصلة وتوفير الإمكانات لذلك يضعنا أمام مسائل في غاية الخطورة على المدى البعيد خاصة إن لم تأخذ بعين الاعتبارحالة الانسجام بين عدد السكان والموارد المتاحة وترشيد استخداماتها وتوظيفها في مشاريع حقيقية, وهذا يتطلب وعيا اجتماعيا لدى الأفراد في تقديم جميع البيانات المطلوبة والإجابة عن جميع الأسئلة في التعداد العام الذي سيجري للاستعانة بهذه البيانات وترجمتها إلى خطط تعود بالفائدة على الجميع.