غاب «عبد الله منصور» وحضرت كلماته!


الكلمة اطاعته, واستقامه الشعر في طريقه, الحروف العربية مبتسمه على جدران اوراقه, اقسمت تفعيلات ابياته ان لا تخون العهد من بعده, ضجت الخيول على غلاف ديوانه, ضجت عندما سمعت نبأ رحيل ساقيها, حاولت مقدمة قصائده ان ترحل بعيدا, صدى امسيات شعره القديمة عقدت مؤتمرا صحفيا اعلنت فيه الحدادا ثلاثة ايام وازدادوا يوما, تجمعت عصافير الحي بلون الليل تحاكي الباب والدارا. 

خيم على مدينة «سحاب» يوم السبت الماضي حزنا من نوع اخر كان اكثر من عميقا, خيم هذا الحزن بسبب رحيل شاعرالاردن بشكل عام, وشاعرمدينة سحاب بشكل خاص الشاعر الكبير الدكتور الشاعرعبد الله منصور, كيف لا وقد قال في مدينة سحاب انت مدينتي الاولى, قبل مدينة حيفا مسقط راسي, فقد نظّمتُ على هامش لياليكي كل اشعاري الجميلة,..هذا الشاعر احب الوطن (الاردن) واحب طيور الصباح المبكرة في طلب رزقها, كان عادلا في شعره, وكان انسانا حين كتب وحين نقد وحين اسعف جرحى القوافي.
أتي الموت هذا الشاعر فجأة من دون مقدّمات؛ حيث سرق منّا الفرحة والسّعادة، وقلّب حياتنا رأساً على عقب، خطف منّا أحبّتنا، وفرّق جمعنا، وخيّم على قلوبنا الأحزان, أتي الموت فاصبح القمر بعد فقدان الأحبّة معتماً، والشّمس مظلمة، واصبحت حياتنا صحراء قاحلة بلا أزهار ولا ملامح ولا ألوان، عندما يرحل الأحبّة لانصدّق أنّهم لن يعودوا فهم موجودين في عالمنا، لا نصدّق ولا نريد أن نصدّق أنّهم رحلوا وتركونا نعاني مرارة فقدانهم، فكم هي ظالمة هذه المشاهد، وكم يدنوا منّا هذا القدر عندما نفقد أعزّ الناس، وكم هي مريرةٌ لوعة الأشواق إليهم، وكم هي باردة وكئيبة ليالي العمر من دون دفئهم وحنانهم الذي كان يغمرنا.

كتب عبد الله منصور شعرا للاردن, ونثرا لفلسطين, وقصصا للاطفال, وصف الشف والغسق مبينا روعة الخالق, احب الغيوم الماطرة, وصوت النحل, توقف باشعاره عند خلق الابل, كان فارسا بقصائده الغيورة, هومن قال في اشعاره: قد تجد في الانهار مالا تجده في البحار والمحيطات وقصد هنا نهر الاردن, وقال: «عمان» هي الاجمل بين العواصم, وقال: جبل «الحسين» هو الاجمل بين الجبال, وقال بني «هاشم» هم الاعظم بين الكل.
رحل عبد الله منصور منتصرا, حارب النفاق, وحارب التملق, رحل شجاعا كقصائده الملثمة, نقول مكانك في قلوبنا محفوظ, وبرامجك التلفزيونية في التلفزيون الاردني محفوظة, وسجلك الحافل في وزارة التعليم العالي والجامعة الاردنية محفوظ ايضا, كنت ملحقا ثقافيا شهما في دولة الباكستان, ..اخرجت العديد من البرامج التلتفزيونية, لكنك توقفت عن اخراج اللحظات الاخيرة من حياتك الطيبة الصادقة المؤمنة, فقضاء الله وقدره فوق كل شيء, رحمك الله, وجعل مثواك الجنة, فقد غبت عنا الى الابد وحضرت كلماتك الرائعة الينا معزّية.