التعداد وحسابات السرايا والقرايا

تأخّرت الحكومة، سنتين ونصف السنة، في تنفيذ قانون الاحصاءات العامة، ولم ينتبه للأمر سوى القليلين، وفي ردّه على سؤال عابر حول الأمر، قالت الحكومة في السنة الماضية إنّ هناك مستجدات اللجوء السوري، بالاضافة إلى قضايا فنيّة ومالية، منعتنا عنه في الوقت القانوني.
ويقول المثل الإنجليزي أن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي أبداً، وهذا ما يشفع ضمناً للحكومة تأخرها عن استحقاق قانوني لا تستغني عنه الدول الناجحة، فكلّ الخطط والتقديرات والتكتيكات والاستراتيجيات لا بدّ وأن تعتمد على أوّل أساس وهو الموجود عندها من ناس وموارد، وإذا لم نكن تعرف هذه الأساسيات فلا موازنة عامة ستكون دقيقة، ولا وسياسات يمكن أن تُرسم؛ لأنّ توافق حسابات السرايا والقرايا مسألة محسومة في السياسة والاقتصاد، وغيرها.
وعلينا أن نعترف أنّ التعداد السكاني في الأردن كان دوماً مسألة حسّاسة، وكانت تتعلّق بحجم الوجود الفلسطيني، وفي آخر تعداد كان على رئيس الوزراء أن يردّ على مقالات وأخبار تتعلق بالأصول والفصول فاحتار في التصنيف، لأنّ العودة إلى الوراء أربعين عاماً كان يقابله من يتحدث عن خمسين وستين وسبعين، وربّما أكثر من السنوات.
في ذلك الوقت، بدأت تظهر مقالات حول من هو الأردني، وتلوّث المزاج السياسي العام، وفي تقديرنا أنّ هذا هو السبب الذي أخّر التعداد، ولكنّ موجات اللجوء المختلفة والتعدديات الجديدة في التركيبة السكانية الاردنية جعلت من التأجيل أمراً لا يحمل مصلحة وطنية.