الحب من أول عضة

والكره أيضا؛ قد يبدأ من أول عضّة أو نظرة أو كشرة. لكنني أتحدث هنا عن الحب بين الناس والكلاب، وهنا لا بد نتحدث عن الرفق بالحيوان، ورفق الحيوان نفسه بالإنسان.. فلنتحدث عن الكلاب قليلا: «سيزار ميلان»؛ لا أجزم بأنه إيطالي، ولعل الاسم الأول يوحي بأنه ربما يكون فرنسيا، لكنني سأتجاوز عن أصل سيزار وفصله، وأتحدث عن مهارته العالمية المعروفة، فالعديد من القنوات الفضائية الوثائقية والمختصة في عالم الحيوان، تجري لقاءات وتبث أفلاما كاملة لسيزار ومهنته وخبرته الكبيرة في تدريب وترويض الكلاب، ولا بد أن كثيرين يتمنون لو ثمة سيزار آخر، لترويض الناس المستذئبة والمستكلبة، لعلهم يعودون بشرا، ويتوقفون عن العضّ والنهش والنفش والنبش.. اختلف معلقون على خبر متعلق بالألماني المسن «فيرنر» الملقب بالرجل الذئب، الذي يعيش منذ 40 عاما مع 70 ذئبا متوحشا، إذ علق أحدهم بتعليق علمي، حيث قدم معلومات عن أن مجموعة «فيرنر» هي قطيع هجين من كلاب وذئاب، حيث تم تلقيح كلبة من ذئب، فجاء القطيع وفيا كالكلاب وقويا متوحشا كالذئاب، ولم يختلف المعلقون على هذه المعلومات، ولا عن دور المسن «فيرنر» ورتبته بالنسبة للقطيع، بل اختلفوا على آخرعبارة في تعليقه، حيث أنهاه بعبارة «لا حول ولا قوة إلا بالله»، فانطلقت التعليقات المرضيّة من القراء، فكتب أحدهم سطرين، في الأول كتب (أي حاجه أي حاجه)، وفي الثاني كتب (لا حول ولا قوة إلا بالله). وكان هذا التعليق فاتحة النهش والعض، ولا أعلم من عضّ الثاني أولا، ولا أستطيع أن أؤكد أن قصة «حب» نمت بين المعلقين بعد أول عضّة أو تعليق هجومي. لكننا نعود للحديث عن سيزار ميلان، وقصة الكلب التائه «بريغادير»، الذي قامت مهتمة بجلبه من الشارع، وحاولت تأهيله ولم تستطع فلجأت إلى سيزار، الذي بدأ بتأهيل «هالحيوان»، وبعد انتشار قصته، تقدمت 3 عائلات في محاولة للحصول على فرصة لتبني الكلب الشرس «بريغادير»، وكلهم عرّفوا بأنفسهم وأبدوا استعدادا وأمنيات في الحصول على فرصة لتبني هذا الكلب.. ولم أكمل بقية الفلم الوثائقي على الانترنت، فرصيدي من الانترنت قد يتم استنفاده كاملا، من أجل كلب أصبح طرفا في قصة حب بعد أن قام بعضّ شخص لطيف ما، وهي القصة عنوان هذه المقالة. قبل أيام؛ ضحكت كثيرا خلال مكالمة هاتفية مع الزميل والصديق فراس ابن نصوح، وذلك عندما بدأ فراس يحدثني عن الكلاب، حين تجوع وتبحث عن اللحم، وكيف يصبح التعامل معها حين يقل أو يختفي اللحم، يضحك فراس ويقول: يمكنك أن تضحك على كلب تائه مسعور، اقترب من المنزل اعتقادا منه بأنه مليء باللحم أو العظم على أقل تقدير، خصوصا إن سبق لهذا الكلب التائه المسعور أن حاز على قطعة من عظم أو لحم من هذا المكان.. يقهقه فراس ويضيف: تستطيع إطعام هذا الكلب كندرة مصنوعة من بلاستيك وليس من جلد، وقد يتلذذ بها كأنها قطعة لحم طازجة. قصة فراس مع الكلاب موحية أيضا، ويمكنني القول بأنه كان يقوم بعمل مميز وخارق يشبه عمل «سيزار ميلان»، لكن الفرق بالنسبة لي على الأقل أن فراس صديق وزميل أعرفه تماما، فهو ابن قريتي، وأستطيع التأكيد بأنه يملك موهبة أخرى في ترويض نوع آخر من الكلاب، وهو النوع الذي لا يعرف سوى النهش حين يجوع.. لهذا يمكنني أن أطرح سؤالا ببعد فلسفي: قيل سابقا (كلب حي خير من أسد ميت)، لكن ماذا يقال عن كلب فقير وكلب غني، أيهما أجوع من الآخر وأقدر على النهش حين ينفذ الطعام ؟!. لا أعلم عن جدي «فكاك الربيط « إن كان يملك كلبا وفيا، فلم يرد ذكره في قصائد الشعراء كما ورد ذكر حصانه في سيرة فتيان الصباح، التي تصف ثقافتنا العشائرية العسكرية في نهاية القرن الثامن عشر أي قبل نشوء الدولة الأردنية.. أستطيع التأكيد : في تلك الفترة لم يكن في الأردن كلابا تعض أو تلتفت الى الأحذية . حتى الأحذية لم تكن موجودة