التنمية المتكاملة

التخطيط للتنمية المتكاملة لأقاليم الأرياف
يتشكِّل أي كيان من المناطق الحضريّة والمناطق الريفيّة فيه وتعمل إدارة ذلك الكيان على تأمبن الخدمات المناسبة والكافية للسكان من مواطنين ومقيمين بإستخدام القدرات والموارد المتاحة وبأقل التكاليف الممكنة وبدون هدر للموارد تحقيقا للتنمية المستدامة في ذلك الكيان وتحقيقا لأكبر قدر من الرفاه والراحة لمواطنيه .
وعادة ما يكون اهتمام الحكومة في الدولة للمناطق الحضريّة وخاصّة المدن الرئيسة واهمّها العاصمة حيث تحوز على القدر الأكبر من مشاريع التنمية والحوافز مما يُشجِّع المواطنين والوافدين للإقامة بها والتمتُّع بخدماتها بل ويُشجِّع الهجرة الداخليّة من اقاليم الأرياف الى المدن لرئيسة وهذا اكثر وضوحا في الدول النامية دول العالم الثالث حيث في الغالب تغيب الديمقراطيّة والمشاركة في صنع القرار .
وتواجه الآن الحكومات في تلك الدول تحديات جمّة لإعادة تخطيط التنمية المتكاملة لأقاليم الأرياف من حيث العدالة في توزيع مشاريع التنمية والثروات على مختلف جنبات الوطن بدءا من تنمية المحافظات بأساسيّات التنمية بإصدار التشريعات اللازمة لذلك .
وتشمل التنمية المتكاملة لتلك الأقاليم بهدف التسهيل على المقيمين بتلك الأقاليم الوصول بسهولة للخدمات ومنها الإداريّة والماليّة , والخدمات الصحيّة والطبيّة من مستشفيات ومراكز رعاية صحية وإنجابيّة وأسريّة وإسعافيّة , والخدمات التعليميّة شاملة دور الحضانة للأطفال والمدارس والجامعات والمراكز التعليميّة , وخدمات الحصول على الطاقة بمختلف انواعها , توفير انظمة المواصلات البريّة وسهولة استخدامها , وكذلك توفُّر وسهولة استخدام وسائل الإتِّصالات والإنتر نت , توفّر المناطق السياحيّة والترفيهيّة والساحات الخضراء والملاعب الرياضيّة , واخيرا توفير المناطق الصناعيّة والتجاريّة والرقعة الزراعيّة بما فيها الثروة الحيوانيّة وذلك لتأمين الدخل اللازم للعيش الكريم مع ما يتطلّب من مناطق منظمة للسكن بكامل خدماتها التحتيّة والمؤسسات المالية كالبنوك وصناديق المعونة الوطنيّة لتشجيع الإقامة في تلك الأقاليم الريفيّة وتشجيع الهجرة العكسيّة من المدن للأرياف .
إن التخطيط للتنمية المتكاملة لتلك الأقاليم يتطلّب تخطيط شمولي يأخذ استعمالات الأراضي واماكن تواجد الثروات بعين الإعتبار لتحقيق التنمية المستدامة بمحاورها الثلاث التنمية الإقتصاديّة والتنمية الإجتماعيّة وحماية البيئة بعين الإعتبار بما في ذلك تنمية الموارد البشريّة من خلال التأهيل والتدريب وتوفير فرص العمل لتخفيف الفقر والبطالة وربط خطط ومسارات التعليم الجامعي مع حاجة السوق المحلّي وإيجاد اسواق خارجيّة لمنتجات السوق المحلّي بعد تشجيع التنافسيّة في الإنتاج وتحقيق علامات الجودة اللازمة للدخول الى الأسواق الإقليميّة والعالميّة بخطى ثابتة بالتنافسيّة في الجودة والإنتاج .
ولتحقيق كل ذلك يجب على الدولة تشجيع الإبداع وخلق المبادرات والبحث العلمي للمساعدة في التطوير والتنمية في القطاعين الصناعي والزراعي .
كما يتوجّب على الحكومة المركزية والمجالس التنفيذيّة في الأقاليم توفير المراكز الثقافية والكوادر التوعويّة في الجوانب الوطنيّة والترشيدية والدينيّة والتنويريّة وذلك من اجل خلق اجيال واعية تؤمن بالوسطية السياسية وبقبول الرأي الآخر وترفض الإقصاء والتعسُّف والتهميش والإبتعاد عن التفكير الفردي وتكريس التفكير التعاوني للعمل ضمن الفريق الواحد وتعمل على ترشيد الإستهلاك للعمل على تحويل المجتمع من نمطي الإستهلاك الى مجتمع منتج وبذلك نحقق التنمية المستدامة لأقاليم الأرياف ولكل الوطن والمواطنين حاضرا ومستقبلا .
وقد يحتوي المخطط الشمولي وبرامج التنمية المتكاملة على مرافق خدمية لخدمة المواطنين في اكثر من منطقة سكنيّة من مناطق الإقليم كالمستشفيات والجامعات والملاعب الرياضيّة الأولمبيّة والمصانع والمزارع وحظائر الثروة الحيوانية ومزارع تربية الدجاج والطيور والمسالخ ومستودعات التبريد وغيرها من منشآت كبرى ذات كلفة عالية وانتاج كبير .
ويجب على صنّاع القرار والمخطّطين التنمويّين لأقاليم الأرياف ان يأخذوا بعين الإعتبار تحقيق التنميةو المستدامة بابعادها الرئيسة الثلاث وهي التنمية الإقتصاديّة بمختلف عناصرها التي تشتمل على مستوى دخل الفرد ومستويات الإستيراد والتصدير والموازنة الماليّة والمحافظة على سعر العملة الوطنية والمخزون من العملة الأجنبيبّة وغيرها .
وثم التنمية الإجتماعيّة بكافّة عناصرها ومنها التعليمية والصحيّة وخلق فرص عمل والتقليل من مستويات الفقر والبطالة والحفاظ على الروابط الأسريّة والعادات والتقاليد المتوارثة وتنمية الحس الوطني وحسن ترية الأطفال وزرع الثقة وحب الإبداع في نفوس الشباب وتمكين المرأة من الوصول لطموحاتها وتأمين الحياة المريحة لكبار السن .
واخيرا حماية البيئة بابعادها المختلفة مثل المحافظة على التنوُّع الحيوي والمحافظة على نظافة الأحياء والشوارع والساحات الخضراء وغرس مفهوم فصل النفايات من المصدر والتشجيع على الإستثمار في التدوير وتحويل النفايات الى طاقة وحسن إدارة النفايات الصلبة والتشديد على إدارة النفايات الخطرة والطبيّة والمحافظة على مصادر المياه والأحواض المائيّة والإنتباه للأغذية والمواد المحوّرة جينيّا وتقليل الإنبعاثات من المصانع والإستفادة من غازات ثاني اكسيد الكربون والميثان الناتجة من مكاب النفايات لتوليد الغاز الحيوي لأغراض توليد الطاقة الكهربائيّة كذلك العمل على التخفيف من آثار ظاهرة الإنحباس الحراري والتغيُّر المناخي وتوعية المواطنين للترشيد في استهلاك المياه والطاقة والغذاء والرفق في معاملة اصناف الحيوانات الأليفة وتغيير بعد العادات السيئة كإطلاق العيارات الناريّة والضوضاء في المناسبات واستخدام السيارات والسباحة في المناطق الممنوعة والصيد الجائر وغيرها من عناصر تؤدّي الى حماية البيئة وصحّة الإنسان وتحقق له حياة مريحة مستدامة .
بذلك نكون وفّرنا سبل الحياة المتكاملة التي تشجع المواطنين والسياح والوافدين على الإقامة في المناطق الريفيّة بل وتشجِّع الإنتقال من المدن المكتظّة الى مناطق الريف الهادئة .
ولعل برامج تعداد السكّان والمساكن الذي تقوم به الدول كل عشر سنوات حسب تعليمات الأمم المتحدة هو خير اداة من ادوات جمع المعلومات وتصنيفها لتساعد اصحاب القرار والمخطّطين لبرامج التنمية المتكاملة والشموليّة ومنها اقاليم الأرياف والتنمية الإقتصاديّة لكافّة مناطق الدولة وستقوم دائرة الإحصاءات الأردنية بعملية التعداد العام للسكّان والمساكن في المملكة اعتبارا من نهاية شهر تشرين ثاني من هذا العام لتقوم بعد ذلك بتحليل البيانات والنتائج وتزويد الوزارات والدوائر والمؤسسات المحليّة والدوليّة بها لتكون لهم عونا ونبراسا لوضع خطط التنمية المستقبلية , علما أنّ التعداد العام للسكّان والمساكن الذي سيقوم به حوالي خمسة وعشرون الف موظّف يستهدف توفير قاعدة بيانات ومعلومات كاملة للقطاعات الديمغرافية والاقتصادية والتعليمية والصحية والسكنية وخدمات البنية التحتية والطرق والمياه والكهرباء وغيرها، لوضع الخطط والبرامج اللازمة لتقديم مستوى أفضل من الخدمات الأساسية للمواطنين.
احمد محمود سعيد
25 / 11 / 2015