المحامي فيصل البطاينة يكتب : لماذا لا يلاحق كبار الفاسدين

 

اخبار البلد - نتيجة الفساد المستشري في بلادنا على يد كبار المسؤولين من رؤساء حكومات و وزراء و أعيان و نواب و مدراء دوائر تتعاظم الآفات الإجتماعية تتفاقم البطالة و يتردى الإقتصاد الأردني و تظهر الجريمة المنظمة و تتآكل الطبقة الوسطى لتلتحق بالفقيرة و تتميز عنها بأن رجالها أصبحوا من النزلاء الدائمين للسجون و أفراد عائلاتهم ينقلبوا من مالكين استولت البنوك على بيوتهم إلى مستأجرين يطالبوا بتعديل قانون المالكين و المستأجرين. كل ذلك يسير جنباً إلى جنب مع صرخات كبار المسؤولين للمطالبة بوقف اختيال الشخصية و كأن للفاسد شخصية يتوجب على المشرع حمايتها ، ذاك المشرع الذي لم يكن معني أصلاً بحماية الأرواح الشريرة بالمجتمع .

و عودة للموضوع و بالعودة إلى الدستور الأردني الذي يمنع مسائلة جلالة الملك الذي يمارس سلطاته بواسطة وزراءه الذين يسألون عندما ينفذوا أوامر الملك الخطية و الشفوية إن كان فيها مخالفة للقانون أو الدستور . و لا أعتقد أن حكوماتناالمتعاقبة جميعها معصومة عن ارتكاب الخطأ و المخالفة للقوانين و الشرائع تلك المخالفة التي تبتدئ من المحاباة على حساب الآخرين بالوظائف وتتدرج  للعطاءات و للسفرات وللمنح الدراسية بالخارج والداخل و للمعالجات الخارجية و تنتهي بقبض الكومشنات و الثراء غير المشروع و تأسيس الشركات باسم الأبناء و الأصهار و الأقرباء و المفاتيـح ، و شعارات المسؤوليـن الكبار دائمـاً في بلادنـا  المواطن أغلى ما نملك أو الرجل المناسب في المكان المناسب أو المحافظة على المال العام ، من تلك الشعارات الجوفاء التي سئم سماعها المواطن الأردني الشرعي والوحيد للشعب الذي أصبحت مهمته الأولى هي أن يدفع الضريبة بشتى أنواعها و مسمياتها مثلما يدفع ثمن المباحات بالشرع الإسلامي كالماء و الهواء .

أما مجلس الأمة الذي تتعالى أصوات أعضائه في المناسبات بأنه الممثل مصدر السلطات فقد مارس كل صلاحياته القانونية و غير القانونية باستثناء الصلاحية و الأهم التي أسندت له بقانون محاكمة الوزراء فلم تسجل مجالسنا الموقرة محاكمة رئيس حكومة أو وزيربقضية فساد واحدة  باعتبارهم هيئة اتهامية أو نيابة عامة في قانون محاكمة الوزراء عليهم أن يحركوا الدعوى العامة بحق الوزراء بمجرد العلم و بناءاً على شهادة مواطن واحد يتوجب على مجلس النواب أن يحيل المسؤول للمحاكمة أمام المجلس العالي الذي يقرر مدى صدق شهادة المواطن من عدمه حتى لو لم يكن لدى المواطن أية بينة خطية .

 و هنا أتسائل و أسأل مجلس النواب السابق و اللاحق الذين شكلوا اللجان لدراسة قضايا فساد تتعلق ببعض الدوائر الحكومية أو المؤسسات العامة و الخاصة ، و لا أدري ما هي صلاحية مجلس النواب بقضايا الفساد بأمانة عمان أو البنك المركزي و بقية البنوك أو بمؤسسة الضمان الإجتماعي أو بشركات الإتصالات أو بغيرها من القضايا التي يتحدث النواب بها و التي لا تدخل باختصاصهم بينما لا يتحدثوا أو يتابعوا وظيفتهم في تقصي الأدلة على فساد الوزراء حسب اختصاصهم القانوني مثل قضايا بيع النفط و الناقلات النفطية التي اشترك بها رؤساء حكومات و وزراء لماذا لم يحقق بها مجلس النواب ؟ حتى قضية نقل الأراضي الى اسم الديوان الملكي من خزينة الدولة و التي اعترف بها رئيس الحكومة الأسبق بأنها تمت بناءاً على طلب أمين عام الديوان الملكي . اليس مجلس النواب معني بالتحقيق بها بمجرد اعتراف رئيس الحكومة بهذه الواقعة سنداً للمادة (49) من الدستور و كذلك اليس معنياً ببيع الناقلات النفطية و قضايا النفط و قضية الكازينو و قضية أمنية و قضية ( مصفاة البترول و القرارات الوزارية المتناقضة بها لرئيس الوزراء الأسبق و وزير عدله و عدل من تلاه و العين الحالي ) . و تقارير ديوان المحاسبة التي امتلأت صفحاتها بآلاف المخالفات و قضايا الهدر للمال العام على يد وزراء و مدراء مستذكراً بهذه المناسبة المقابل الذي تقاضاه إبن رئيس حكومة  من أجل إعفاء أحدى المؤسسات الإعلامية من غرامات و ضرائب و رسوم للدولة . و قبل أن أخرج من هذه النقطة لا بد من إنصاف مجلس النواب السابق بأن تذكر له بالعرفان ممارسته اختصاصه القضائي في قضية القرن الحادي و العشرين المسماة بقضية الكابسات .

 

     و أخيراً لا بد لي من الإشارة إلى مقابلة الدكتور فياض القضاة عضو هيئة مكافحة الفساد قبل أيام بإحدى الفضائيات حيث قال إن الهيئة تعمل على استصدار قانون يعفي الفاسدين من العقوبة عند إعادتهم ما اختلسوه إلى خزينة الدولة و لا أدري إن كان القانون المقترح سوف يشمل الذين أعادوا الأراضي قبل أيام للخزينة بعد أن ألزمتهم هيئة مكافحة الفساد بذلك ليكون القانون المقترح بأثر رجعي مثلما يتسائل المواطنين عن سر عدم إحالة بعض كبار المسؤولين الذين وقعوا على الإتفاقات و المستندات المالية بشركة موارد التي أحيلت إلى محكمة أمن الدولة .

إن محاكمة الفاسدين من علية القوم أو ( المسؤولين ) أولى بكثير من محاسبة مراسل في إحدى الدوائر قبض دنانير من أجل قوت أطفاله معتمداً على اجتهاد الخليفة عمر بن الخطاب حينما أوقف حد السرقة في عام المجاعة التي لم يخلقها المسؤولين أيام سيدنا عمر كما خلقها المسؤولين من هذا الزمن الرديء.

وخلاصة القول كم يثلج الصدور حين يستعمل مجلس النواب صلاحيته بمحاكمة أربع رؤساء حكومات و بأضعاف هذا العدد من الوزراء دفعة واحدة عندها سوف يتأكد المواطن من أننا وضعنا أقدامنا على طريق الإصلاح الإقتصادي و السياسي و الإجتماعي وعندها يحق لنا نقول أن ملاحقة رؤوس الفساد أولى بكثير من لجان الحوار و غيرها من اللجان التي لا تسمن من جوع و لا تؤمن من خوف .

حمى الله الأردن و الأردنيين من شرور أنفسهم و من سيئات أعمالهم و إن غداً لناظره قريب .  

بناءاً على طلب كاتب المقال نعتذر عن قبول التعليقات