الفقر في الأرياف
لعلّ تقارير دائرة الإحصاءات العامّة ووزارة التخطيط والتعاون الدولي والمؤسسات الدوليّة والصناديق والهيئات المحليّة تشير الى وجود جيوب فقر في كثير من المناطق الأردنيّة خاصّة المناطق النائية ولكن ما سأتناوله هنا الفقر في مناطق الأرياف والتي تلعب الزراعة فيها الأساس في تشغيل اليد العاملة كما يلعب الإنتاج الزراعي العنصر الرئيس في دخل الأسر والأفراد القاطنين في تلك المناطق .
ولعل الصندوق الدولي للتنمية الزراعيّة ( إيفاد IFAD ) الذي يضع شعارا هوالإستثمار في سكان الأرياف لهو من افضل المؤسسات الدوليّة العاملة على تحسين معيشة سكان الأرياف من خلال البرامج التي تنفِّذها بالتعاون مع المؤسسات الحكوميّة ومؤسسات المجتمع المدني وبتمويل يشمل قروضا ميسّرة ومنحا للحكومة الأردنيّة .
وقد بيّنت دائرة الاحصاءات العامة أن قيمة خط الفقر المطلق (الغذاء وغير الغذاء) قد بلغت 813.7 ديناراً للفرد سنوياً كما وبلغ خط الفقر المدقع (الغذاء) 336 ديناراً للفرد سنويا , ويعتبر الفقر المطلق هو عندما يعجز الإنسان عن توفير احتياجاته الأساسية اللازمة لحياته وحياة أسرته، فإنه يعتبر فقيرا فقرا مطلقا, ويندرج تحت هذه الأساسيات الطعام والشراب، المسكن، الملبس، العلاج الأساسي, وقد يندرج تحت هذه الأساسيات أيضا التعليم، وإنّ عجز الإنسان عن توفير هذه الاحتياجات قد يخل بالاستقرار الإجتماعي، وقد يدفع من لا يتمكن من توفيرها للجريمة أو السرقة.
وأظهرت نتائج عام 2010 إلى أن محافظة معان سجلت أعلى نسبة للفقر بين المحافظات حيث بلغت 26.6%، تلاها محافظتي عجلون والبلقاء بنسبة بلغت 25.6% و20.9% على التوالي. في حين سجلت محافظتا العاصمة والكرك أقل نسبة فقر حيث بلغت 11.4% و13.4% على التوالي.
وبالنظر إلى المناطق الأشد فقراً على مستوى المملكة في عام 2010، فقد أظهرت النتائج تبايناً واضحاً بين جيوب الفقر حيث بلغت أعلى نسبة فقر في وادي عربة 71.5%، وأقلها في الرمثا 25.1%.
وقد ارتفع عدد جيوب الفقر في المملكة إلى 36 جيباً ، مقارنة مع 32 جيباً في عام 2008 و22 جيباً في عام 2006 مما يشير إلى أن مشكلة الفقر تتفاقم رغم الجهود التي تبذل لمكافحتها .
وتقوم ايفاد من خلال برنامج النمو الإقتصادي والتشغيل في مناطق الريف ( REGEP ) والذي ستنفذه من خلال المؤسسة الأردنية لتطوير المشاريع الإقتصاديّة ( JEDCO ) وبقيمة اجمالية تبلغ 15,18 مليون دولار تساهم فيه ايفاد من خلال قرض للحكومة بمقدار10,84 مليون دولار ومنحة بمقدار نصف مليون دولار ومساهمة المركز الوطني للأبحاث الزراعية بمليون ونصف مليون دولار والحكومة الأردنية بمبلغ 1,43مليون دولار وصندوق التنمية والتشغيل بمبلغ بمائة واربعون الف دولار ومؤسسة المواصفات والمقاييس بمبلغ اقل من سبعون الف دولار والمؤسسة الأردنية لتطوير المشاريع الإقتصادية بمبلغ مائة وعشرة الآف دولار كما يساهم المستفيدون من المشروع بمبلغ ستمائة الف دولار .
وتمثل المرحلة الأولى وهي تنمية المؤسسات حوالي 51%من التكلفة الكلِّية بينما مرحلة التمويل الريفي تمثل حوالي 27%من التكلفة في حين تقدر تكلفة إدارة وتنسيق المشروع حوالي 23% من الكلفة الإجمالية للمشروع .
ويعتبر المشروع باهدافه عامّة مشروعا وطنيا على مستوى الوطن حيث يتماشى مع اهداف استراتيجيّة التقليل من الفقر للأعوام 2013- 2020واستراتيجيّة التصدير للأعوام 2014-2019 واستراتيجيّة المياه للأعوام 2008-2022مع انّه يغطي المناطق الريفية في محافظات عجلون وجرش والمفرق في الشمال والبلقاء ومآدبا في وسط المملكة ,وقد اعتمدت دراسات المشروع على احصاءات ونتائج الأعوام 2010-2012 حيث كان عدد سكان المملكة اقل من 6,5 مليون نسمة ونسبة العاطلين عن العمل 13% ( 11%للرجال و 22%للنساء) وكان 50% من العاطلين هم من فئة الشباب (15- 24 عاما) ويشكل العمال الوافدون 25% من القوة العاملة بينما مليون عامل اردني يعملون في الخارج , وتساهم الزراعة بنسبة 3,4 %من الناتج الإجمالي وتُشغِّل 2,7%من القوة العاملة ويقدّر ان 20%من سكان الأرياف يعتمدون على الزراعة , وكان 14,4%من سكان الأردن يعيشون تحت خط الفقر بينما 16,8% من سكان الأرياف تحت خط الفقر .
لذلك سيتوجّه المشروع للأسر التي تحت خط الفقر وللأسر الريفيّة المعرّضة لأن تصبح تحت خط الفقر خاصّة تلك التي تعاني من دخول قليلة وغير مستقرّة وسيعمل البرنامج على زيادة دخول تلك العائلات وعلى تغيير بعض العادات وخلق فرص عمل لأفرادها وخاصّة للنساء والشباب وسيعمل على دعم القدرات الفنيّة والتنافسيّة لصغار المزارعين وبيان أفضلية زراعة البقوليات والأشجار المثمرة واستهلاك كل منهما للمياه واستخدام التكنولوجيا الحديثة في انظمة الري وتشجيع وتطوير المؤسسات الصغيرة .
كما سيعمل البرنامج على بحث وتحليل المواضيع المتعلقة بمصادر الدخل للفقراء , وجيوب الفقر في الأرياف , ونظام حماية اجتماعي وعلاقة التغير المناخي والبيئة بالفقر , والفقر بين مناطق الأرياف والحضر , وكذلك التنمية البشرية , ومعدل وعمق الفقر والبرامج الحكومية للتقليل من الفقر كما سيعمل البرنامج على بيان الدروس المستفادة لبرامج ايفاد في الأردن .
من المتوقّع ان يعود هذا المشروع بالفائدة على شريحة كبيرة من الأردنيّين خاصّة الأسر التي تعيش في الأرياف التي يتناولها البرنامج وخاصّة قطاعي المرأة والشباب .
احمد محمود سعيد
23 / 11 / 2015