استراتيجية استثمار الدم !!

قد يكون نتنياهو الاكثر تعبيرا بل الأدق عن استراتيجية استثمار الدّم، فهو يعلن ذلك تصريحا وتلميحا في كتابه مكان تحت الشمس، وما من مرة سالت فيها دماء الا وحاولت اسرائيل امتطاء الموجة لتحقيق مصلحة ما، وفي احداث صحيفة شارلي ابدو سارع نتنياهو الى توجيه نداء لليهود الذين يعيشون في فرنسا كي يهاجروا الى اسرائيل، لكنه هذه المرة تردد قليلا ، ليس بسبب تغيير طرأ على افكاره بل لأن الحدث جلل ولم يكن يستهدف يهودا، وضحاياه فرنسيون حتى لو كان بينهم يهود، لأنهم عندئذ سيلاقون المصير ذاته بصفتهم فرنسيين اولا واخيرا وليسوا يهودا فقط ! وكلما علت موجة الدم كان امتطاؤها اسرع، فهذه الاستراتيجية لها جذر في فلسفة الجوييم او الأغيار من غير اليهود، لهذا حين نعود قليلا الى الوراء ونقرأ ما حدث في اعقاب الثورة الفرنسية التي بشّرت بالمساواة والعدل نجد ان الصهيونية كانت متضررة من هذا الانجاز التاريخي لأنه يحول دون تبرير الجيتو، ويتيح لليهود الاندماج في المجتمعات التي يعيشون فيها وتكرر ذلك في تجربة حزب البوند الشهيرة في روسيا . ان وقوع مجازر في البلدان التي يعيش فيها يهود هو امر مرغوب فيه اسرائيليا لأنه يقدم الذريعة لمطالبة اليهود بالهجرة ما دامت تلك البلدان لا تقدم لهم الحماية اللازمة، ومن يقع منهم ضحية هذا الوهم سرعان ما يكتشف بعد الهجرة ان ارض الميعاد هي ارض الجحيم وسيردد مع الشبان اليهود في اسرائيل نشيدا مضادا هو وداعا يا ارض العسل .. اننا راحلون ! وهناك امثال عديدة عن استثمار مصائب الاخرين وتحويلها الى فوائد نعفّ عن ذكرها لأنها تنال من الانسان بصفته انسانا قبل كل شيء . لقد وصف احد المعلقين موقف اسرائيل من احداث باريس الاخيرة بأنه موقف الشّامت المتضامن، وبذلك يضرب عصفورين بتصريح واحد .. العصفور الاول هو تبرئة الذات من الارهاب والانضمام الى الحلف الذي يحاربه ، والعصفور الثاني هو تقديم طعم جديد لليهود كي يهاجروا الى اسرائيل، وذلك على سبيل تعويض الهجرات المعاكسة والتي بلغت حدّا ينذر الصهيونية بفشل احلامها وما خططت له، لأن الاعاصير والعواصف السياسية التي هبّت لم تكن كما يشتهي المركب الذي يتقاسمه جنرال وحاخام.