المنـحــوس والمفـالـيــس

هل نحن مولعون بالغيبيّات أيام الشدائد والأزمات ؟؟ ... في التاريخ القديم عشرات الروايات عن أولياء وصحابة وأنبياء ظهروا في منام بعض الأتقياء والخلفاء والقادة وحتى عامة الناس من أوباش ولصوص ... عادة ما يقوم الزائر في الحلم بمواساة الحالم ويعده بصلاح الأحوال ويعاتبه على الخمول والكسل والاستسلام للمصيبة التي حلت بشخص أو جماعة أو أمّة بكاملها. بعد هزيمة العرب كل العرب في عام 1967 واحتلال سيناء والضفّة الغربية والجولان ... ظهرت السيدة العذراء ... نعم السيدة العذراء والدة عيسى ابن مريم عليه السلام ... تشكّل طيفها المبارك في اذهان السذّج وانعكس على واجهة الكاتدرائية القبطية في القاهرة ليلاً ... أشيع الخبر فتداعى عشرات الآلاف من المصريين لمشاهدة المعجزة ... انضم إليهم ضيوف مصر من اللاجئين السياسيين العرب والأفارقة ( ما أكثرهم ذلك الحين ) وموظفي الجامعة العربيّة وبعض أعضاء السلك الدبلوماسي الذين جاؤوا لكتابة التقارير لدولهم عن هبل الناس . قرأنا الخبر مع صورة الكاتدرائية في أغلب الصحف العربيّة التي سوّدت كل صفحاتها عن الهزيمة والنكسة والصحوة والثلاث لأأت الشهيرة التي انطلقت من مؤتمر القمة في الخرطوم ... اختفى طيف السيدة المباركة بعد أيام بسبب إعاقتها للمرور وإغلاق الشوارع كل ليلة بالمشاهدين في بلد مهزوم . تطوّر المجتمع العربي بفعل الهزائم المتكررة وتفتيت دوله الكبرى إلى كيانات طائفيّة وأصبحت كل معاركه حروبا أهلية بامتياز ... قتلا ... وتدميرا ... ولاجئين ... وسماسرة حروب وتجار سلاح ... ومهربي مخدرات ... وقتلة بالوكالة ... وغرقى في بحار المتوسط ... وعبيدا ... وسبايا للبيع ... هل نسينا شيئا ؟؟؟ ... كان الأجداد يحلمون وأورثوا حلمهم إلى الأحفاد الذين ينعمون بالتواصل عبر الإنترنت بسرعة الضوء ... فجأة تذكروا لعنة المطرب حسين الجسمي ... الرجل تخصص بالغناء للشعوب والبلدان والعواصم وفرق الرياضة ... أكد الحالمون لعنة المطرب المسكين من خلال الحوادث التي ألمت بمن غنّى لهم ... غنى لمصر أغنية بعنوان بشرة خير فتلاحقت الأزمات فيها حتى سقوط الطائرة الروسيّة وهروب السيّاح الأوروبيين من شرم الشيخ ... غنى الجسمي لليبيا فزادت دمارا على دمار ... قبل موسم الحج الماضي غنّى الرجل ... لمّا بقينا في الحرم ... سقطت الرافعة وتدافع الناس عند مشعر الجمرات وقتل من خلق الله المئات ... شملنا ببركاته وغنى تحية للأردن فجاء الفيضان على غفلة منا ومن أمانة عمان الكبرى ... غنى الرجل لفريق برشلونه لكرة القدم فخسر الدوري والكأس ... آخر ما غناه المطرب المنحوس بالتوقّع ( كما يصفه عرب هذه الأيام ) أغنية بعنوان نفح باريس وهي مدينة مفعمة بالحياة تغنى بها الشعراء والكتاب والمطربون قبل الجسمي ... ولكن باريس المسكينة وبعد انطلاق الأغنية مباشرة تعرضت إلى أكبر هزّة إرهابية في تاريخها حتى يعلن رئيس فرنسا أن بلاده في حالة حرب ويفزع له الحلفاء والأصدقاء . المغرّدون من أحفاد مشاهدي طيف السيدة المباركة وحسب معتقداتهم ( إن كانت جداً أو سخرية ) اقترحوا على المطرب أن يغني لأكثر من عدو ووضعوا إسرائيل في رأس القائمة ... تأملوا يا رعاكم الله فالسيدة العذراء ضنّت علينا بطيفها ( في هذا الزمن ) ترفعاً لمقامها ومكانتها في الأرض والسماء عن جرائمنا ورذائلنا ... لم يبق إلاّ تلمّس الزبد في شخص مطرب صادفت إذاعة أغانيه أحداثاً هنا وهناك ....