متى ينتفض المسلمون ضد الإرهاب؟ | الشرق الأوسط ۲۰۱٥/۱۱/۱۹


ليس لدي شك أن الغالبية العظمى في العالم الإسلامي تدين الإرهاب بشدة، وترفض فكره، ومنطقه، ونهجه، وسلوكه المنحرف. لكن الإدانة الصامتة لا تكفي، وعدم سماع صوت الغالبية يجعل ضجيج المتطرفين يبدو عالًيا، ويسمح لعمليات الإرهابيين بتشويه الإسلام، وتلطيخ صورة المسلمين. الصوت الإسلامي المعتدل، لا بد أن يعلو ويرتفع لكي يسمع العالم ويفهم أن جرائم الإرهابيين والمتطرفين لا تعبر عنا، والأهم من ذلك لكي يفهم الإرهابيون أنهم مرفوضون ومنبوذون، لا يمثلون هذا الدين العظيم، ولا يعبرون عن الغالبية الغالبة من المليار ونصف المليار مسلم حول العالم. بيانات الإدانة والشجب من الحكومات لم تعد كافية لإقناع العالم، ولإفهام الإرهابيين أن المسلمين يرفضون اختطاف دينهم من قبل قلة منحرفة تحمل فكًرا شاًذا ومريًضا، وأن الغالبية المعتدلة تنبذ الإرهاب وشيوخه ومجنديه وترفع صوتها دفاًعا عن عقيدتها وسماحة دينها. الغالبية العظمى من المسلمين هم أيًضا ضحايا للإرهاب الذي شوه صورتهم وأساء لدينهم. فالعالم بات ينظر إلى كل مسلم بعين الشك، ويرى الإسلام على أنه دين عنف وإرهاب. ورغم محاولات التصدي لهذه الصورة المغلوطة، فإنها تنتشر وتترسخ مع كل جريمة إرهابية تحدث، لا سيما مع الاستخدام المتكرر لتعبيرات مثل «الإرهاب الإسلامي»، و«الإرهابيين المسلمين»، واستغلال اليمين المتطرف في الغرب موجة الإسلاموفوبيا لنشر المزيد من الكره والعداء ضد المسلمين. الإرهابيون والمتطرفون يتغذون من هذه الأجواء ويستخدمونها في دعاياتهم وفي مساعيهم لاستقطاب مزيد من الشباب الغاضب. هناك جهود تبذل على المستويات الرسمية والإعلامية ومن مؤسسات دينية، لكن صوت الشارع وغالبية المسلمين يجب أن يسمع أيًضا. عندما ضرب الإرهاب السياح الغربيين في تونس، خرج كثيرون يوقدون الشموع في موقع الجريمة على الشاطئ، ويتظاهرون أمام السفارات معلنين تضامنهم مع أهالي الضحايا ومع المصابين، ومعبرين عن رفضهم للجريمة ووقوفهم ضد الإرهاب وتبرئهم من أولئك الذين يدعون أنهم يقاتلون تحت راية إسلامية. وقتها وجد ذلك المشهد التلقائي تجاوًبا وصدى في الداخل كما في الخارج، وكم كان المرء يتمنى رؤيته يتكرر في مصر، بل وفي دول العالم الإسلامي الأخرى، عندما قتل 224 شخًصا في تفجير طائرة متروجت الروسية في سيناء، أو عندما هاجم الإرهابيون باريس وقتلوا أبرياء في مطاعم ومسرح وملعب لكرة القدم. فالمسلمون يجب ألا يبدوا وكأنهم غير معنيين ومجرد متفرجين على ما يرتكبه الإرهابيون الذين يزعمون أو يتوهمون أنهم يقاتلون «دفاًعا عن الأمة» وتحت راية الإسلام. قد يقول قائل إن الدول الإسلامية تخوض حربها ضد الإرهاب الذي يستهدفها أيًضا، وتشارك في العمليات الدولية ضد «داعش» و«القاعدة». كما أن الحكومات تصدر بيانات الإدانة والاستنكار، والكثير من المؤسسات الدينية تعلن الرفض لنهج الإرهاب وفكر التطرف. كل هذا صحيح، لكنه ليس كافًيا في المعر