المناهج ...أمام معالي وزير التربية


يقول أحد المشرعين : أن القوانين كالبشر تهرم وتشيخ ثم تموت فهي إذن بحاجة دائما إلى التجديد والتطوير، وبغير ذلك تفقد هذه القوانين قيمتها وتصبح عديمة الفائدة بل وتكون عالة على المجتمع وضررها على الناس أكثر من نفعها.

فالمتابع للمناهج الدراسية والذي أصبح تغييرها شبه سنوي وننتظر من تغييرها تقديم ما هو مناسب ومفيد للطالب ويخدم المسيرة التربوية ، إلا أن العكس هو الذي يحصل فالمناهج وعدد الدروس تزداد شيئاً فشيئاً ويزداد حجم المادة التي تعطى للطلبة وعلى مختلف المراحل، و بالكاد يستطيع المعلم إنهاء المقرر المطلوب منه.

فبدلاً من ضغط الطلبة والمدرسين بهذا الشكل والذي يصبح معها المعلم بالتالي أن يعطي المواد الدراسية بشكل سريع وعجالة ويصبح إعطاء المعلومة بطريقة ( حشي المعلومات ) وعذراً لم أجد مصطلح غير هذا، لأن المعلم يريد أن ينهي المنهاج المقرر وعلى الطالب أن يفهم المادة بالتي هي أحسن، ومع كل هذا لا المعلم ينهي ولا الطالب يفهم، حتى أن بعض المدارس أو المعلمين يضطر بأن يعطي أكثر من درس في الحصة الواحدة ولكن على حساب ماذا، ومن الملام هنا.

لماذاً لا يتم إعادة النظر بالمناهج وحجمها التي تعطى للطلبة ، فبدلاً من أن يعطى الطالب عشرة وحدات مثلاً في المادة فلماذا لا يعطى ثمانية وتقليل عدد الدروس، وعندها تأخذ كل مادة حقها وكل درسٍ حقه، وبالتالي لا يضطر المعلمون إعطاء المادة بدون شرح، ويعود الطالب من مدرسته يحتاج إلى تدريس والديه وهذه حقيقة ثابتة، ولا يعقل أيضاً أن تكون عدد الحصص اليومية للطلبة 8 حصص يومياً، وعليه عند عودته لبيته مراجعة تلك المواد وحل واجباته وكذلك التحضير للدروس القادمة ناهيك إذا كان لديه اختبار في اليوم التالي ، فأي نفسية ستكون عند الطالب وأي إبداع ننتظر منه.

لماذا لا نعتمد على النوع وليس الكم، وما الفائدة من الكم إذا لم نفهم النوع، حتى أن المعلمين وإدارة المدارس أصبحت تتذمر من هذا الوضع وذلك لحجم المسؤولية التي تقع على عاتقهم، فهم أكثر المتضررين بعد الطلبة، فمع احترامي للذين يقرون المناهج لا أعتقد بأنهم يقوموا بدراسة الظروف ولا هم بصورة الوضع الحقيقي للمعاناة التي يعيشها المعلم والطالب والآباء.

فلو أننا أطلقنا النار من بندقية صيد على عشرة عصافير تقف على غصن شجرة وأصبنا اثنين، فهنا لن يتبقى لدينا أي عصفور على الغصن لأن العصافير الثمانية تكون قد طارت أصلاً، وهذا هو حال الطلاب عندما تعطى لهم المواد بشكل مضغوط دون الاعتماد على الشرح نتيجة لتدفق هذا الكم الكبير من المعلومات خصوصاً في غياب الجانب العملي أو الوسائل العلمية.

إن المسألة بحاجة إلى وقفة سريعة وتغيير حقيقي إذا كنا معنيين بتحسين المستوى التعليمي والأداء التعليمي والذي فيه يجب مراعاة كافة النواحي وخصوصاً النفسية للطالب كرغبته وإقباله على التعليم فلقد أصبح أبنائنا يكرهون المدرسة نتيجة الضغط المكثف عليهم.

د.خالد جبر الزبيدي
Khaledjz@hotmail.com