ثقافة العنف

ما عاد يمر يوما الا ويحمل في طياته حدثأ دموياً يتصدر نشرات الاخبار , حتى اصبحنا نتوقع ان اول خبر سيبدأ بعبارات بات صداها لا يفارق مسامعنا ( انفجار ,اغتيال , قتل , تدمير , اختطاف , قصف , وغيرها الكثير من مفردات العنف ), والتي باتت كما اسلفت وجبة يوميه , لم تعد تحرك فينا ساكناً لتكرارها , وهي نتاجاً حتمياً لما يمر به العالم من صراع .
والسؤال المطروح ما الذي يحدث, ومن وراء ما يحدث , والى متى سيستمر ما يحدث ؟ 
علماء النفس يقولون ان العنف من سمات البشر افراداً وجماعات , ويكون حيث يكف العقل عن قدرة الإقناع أو الاقتناع مع الشعور الذاتي بأنه لا يحتاج للأخر , فيلجأ الإنسان لتأكيد الذات بالعنف من خلال ضغط جسمي أو معنوي ذو طابع فردي أو جماعي بقصد السيطرة أو التدمير , والإجرام. 
واعتقد ان انضواء الافراد تحت مظلة العنف والارهاب تعود لمجموعة اسباب منها :
فشل الفرد في تحقيق ذاته مما يؤدي به الى الشعور بالعزلة وعدم التوافق مع القيم والمعايير وبالتالي الخروج عنها بصورة انحرافية واضحة .
ثم التفكك الاجتماعي وسرعة التغير في المجتمعات , بحيث يحدث تفككاً في بناء الجماعة ويتعطل الضبط الاجتماعي , وتسود الانانية والفردية , مما يسهم في زيادة معدلات العنف .
والشعور بالظلم والقهر والتهميش للشباب , وشح فرص العمل , وغياب العدالة الاجتماعية , وتفاقم مشكلة البطالة , كلها تجعل الشباب مطية سهله للعنف .
كذلك صراع القيم والافكار , وتعدد المرجعيات المذهبية والطائفية وغياب الوعي الفكري ينحى بكثير من الافراد منحى يؤصل للعنف .
ثم غياب دور الاسرة وعدم متابعة الاباء للابناء وغياب النموذج القدوة الرادع , وترك الابناء مطية لوسائل الاتصال الحديثة دون رقابة ودون توعية تفضي لاجراءات وقائية تتبنها الحكومات بكافة ادواتها بما فيها وسائل الاعلام والجهات المعنية .
3وفي الختام طغيان العولمة القائمة على محو الثوابت القومية والاخلاقية والدينية والوطنية والثقافية , وصهر العالم في بوتقة واحدة تحركها القوى العظمى وتسخر لها كل الادوات المتاحة وعلى رأسها وسائل الاتصال الحديثة , لغسل عقول الناشئة بكل ما هو متاح من اغواء , مما يجعل الشباب سهل الانجرف في تيارات او اتجاهات فكرية تؤدي في نهايتها الى التعصب ومن ثم الانحراف واللجوء للعنف .
وكل هذا سيقود العالم الى شفير الهاوية , وستخرج الامور من دائرة السيطرة , ولا بد من اجراءات وقائية ونمائية وعلاجية , يتبناها الخيرين في عالمنا ( ان بقي منهم بقية ) وعلى مستوى دول ومنظمات وهيئات تعنى بحقوق الانسان للوقوف ضد ثقافة العنف التي طالت الاخضر واليابس , وكان اول المتضررين منها عالمنا العربي والاسلامي .
حمى الله امتنا عامه وهذا الوطن خاصة من كل مكروه ,انه ولي ذلك والقادر عليه .

د. نزار شموط