تجربة جديرة بالاهتمام !

تجربة جديرة بالاهتمام
د.منصور محمد الهزايمة
في تجربة مثيرة وقعت في المانيا تم اختبار عدد من اللاجئين -ممن وصلوا اليها قريبا -على عدد من المحكات التي تهدف الى تعرّف مدى استعدادهم للاندماج في مجتمعهم الجديد وهو ما يقيس -بالضرورة -مدى رغبتهم في التخلي عن القيم والمبادئ الدينية والاجتماعية التي تربّوا عليها في مجتمعاتهم الأصلية.
كان حجم العينة صغيرا لا يتجاوز أربعين شخصا -وهو من المآخذ عليها -وكان هولاء يتوزعون بين 26 من السوريين والعراقيين أي بنسبة 65% امّا الباقي فكانوا عشرة ايرانين وثلاثة من الأفغان ومصريا واحدا لكنهم جميعا من المسلمين.
تمثلت التجربة في قيام محطة تلفزيونية محلية في نصب قائم خشبي قامت بعرض عدد من الصور عليه لتسأل المهاجرين عن رأيهم.
المحكات التي تم سؤالهم عنها كانت حول رأيهم في شرب الخمر وأكل لحم الخنزير ثم صور العري وزواج الشواذ والعلاقة مع اليهود وهي بالتأكيد من الموضوعات التي تشكل اختلافا جذريا بين ثقافتين متبايتين.
النتائج كانت ملفتة فمثلا بالنسبة لمحك شرب الخمر أجاب 29 منهم بأن لا مانع لديهم من تعاطيه وهو ما يشكل نسبة 72.5%.
على المحك الثاني المتعلق بلحم الخنزير ابدى أربعة عشر شخصا استعدادهم لتناوله أي بنسبة 35%.
ابدى 38 شخصا عدم اعتراضهم على الصور الفاضحة أي بنسبة 95% بل رأوا فيها امرا مقبولا لا يثير لديهم أي تحفظات.
لم يعترض 25 منهم على زواج الشواذ واعتبروه مقبولا أي بنسبة 63%.
وعند سؤالهم عن التعايش مع اليهود كانت النتيجة أن 37 من 40 لم يجدوا غضاضة في ذلك وبنسبة 92.5%.
كانت هذه ابرز ملامح التجربة وما توصلت اليه من نتائج.
النتائج تعلن بوضوح: لن نتوقف عند حد وسنطيح بكل القيم صغرت أم كبرت والخطورة تكمن في أن الاجيال القادمة من الأبناء ستتربى على هذا النهج.
لا شك بأن ظروف اللاجئين هي استثنائية وبالتالي نفترض أن الإجابات تأثرت بظروفهم الحياتية وفرص الحصول على المأوى في ظل بلدان اصيلة فاشلة طردوا منها الى مجتمع وفّر لهم ما يرونه واجب الشكر والتقدير .
كما يمكن الافتراض -أيضاً- أن الإستجابات ربما غلفت بإحساسهم بما ينطوي عليه هدف القائمين على التجربة وارادوا-اللاجئين- أن يثبتوا أنهم مستعدون للاندماج في المجتمع الجديد الى أبعد مدى.
لا شك أن ظاهرة اللجوء على مستوى العالم هي كبيرة جدا وتعتبر من التجارب القاسية للأفراد وهمّا للدول المستضيفة وهيئات الأمم وما يلفت أن معظم اللاجئين على مستوى العالم هم من المسلمين.
الإصرار من كثير من المهاجرين في الوصول الى دول اوربا مع مخاطر الهلاك كان بارزا كذلك كان الموقف الألماني الأكثر تقدما وحظي بالتقدير خاصة من اللاجئين أنفسهم.
لم يكن هدف المانيا إنسانيا بحتا بل رأت بهولاء عمالة رخيصة تساهم في التنمية لذلك كان يمكن لدول المنطقة –لو أرادت-أن تحول التحديات الى فرص ايجابية للنجاح.
في ظل انعدام ثقة هولاء بعروبتهم وأوطانهم التي نشأوا فيها يقابل ذلك المأوى والمساعدات من الغرب فان قيم هولاء الاجتماعية والدينية خاصة ستكون دائما عرضة للضغوط فضلا عن أنهم سيبقون دائما مثار شك مع كل حدث سلبي.
لا تبدو المفاضلة محيرة لديهم بين ما يوسم بالحرية في المجتمع الجديد مع الفساد والاستبداد في بلادهم.
وأخيرا ينبغي أن لا يترك هولاء وحدهم يواجهون وأبناءهم مصيرا محتوما حتى لا يرتدوا عن كل ما أمنوا به بل ربما تحولوا مع الزمن الى الأكثر عداءً لعروبتهم وأوطانهم.
الدوحة – قطر
17/11/2015