احذروا من الدولار
عاد عالم الاقتصاد الأميركي جوزيف ستيجلتز إلى المطالبة بتغيير الدولار كعملة دولية واستبداله بعملة جديدة أكثر مرونة، وذلك بهدف إزالة التشوهات من نظام التبادل العالمي.
وردت تصريحات ستيجلتز أستاذ الاقتصاد بجامعة كولومبيا يوم الاثنين الموافق الحادي عشر من الشهر الحالي.
وعلى الفور قام "تقرير الذهب الصهيوني" باتهام جوزيف ستيجلتز بالخيانة لأنه طالب بتغيير الدولار كعملة دولية، علماً أنه هو من أتباع الديانة اليهودية.
ولا شك أن هذا الاقتصادي اللامع له مواقفه المثيرة للجدل دائماً، فقد استقال العام 1999 من منصب "كبير اقتصاديي البنك الدولي" بسبب خلافاته الحادة مع إدارة كينتون، وشروطها التي كانت تفرضها على إدارة البنك. وعاد بعدها للتدريس في جامعة كولومبيا بنيويورك.
وفي العام 2009 عينته الأمم المتحدة رئيساً للجنة من الخبراء الاقتصاديين من أجل وضع حلول للأزمة المالية الدولية.
وقد خرجت اللجنة في شهر آب (أغسطس) من ذلك العام بتقريرها الذي طالبت فيه بأمرين اعتبرا غاية في الجرأة؛ الأول كان إلغاء الدولار كعملة دولية، واستبداله بترتيب آخر أكثر مرونة. والأمر الثاني هو إلغاء "مجموعة العشرين" الدولية والترتيبات المالية التي تتخذها، واستبدال ذلك بنظام مرتبط بالأمم المتحدة حتى تصبح كل الدول ممثلة في هذه الترتيبات بدلاً من حصرها في العشرين الكبار.
ولقد بدأنا نشهد الفروقات الكبيرة داخل مجموعة العشرين، فقد برزت مجموعة "بريك" أو BRIC، والكلمة مكونة من الأحرف الأولى لأسماء الدول الأربع الداخلة فيها.
فرزمة الإصلاح الاقتصادي لتخفيف المديونية الأميركية والتي أعلنها الرئيس باراك أوباما وإنقاصها بمقدار 4 تريليونات قد فاجأت الجميع. وقد قام رئيس الاتحاد الأوروبي للدورة الحالية الرئيس التشيكي بانتقاد هذا البرنامج الذي يعتبره مكلفاً للاقتصادات الأخرى.
وللعلم، فإن مجموع الديون الفدرالية الأميركية كما هي يوم الثاني عشر من هذا الشهر بلغت 11,4 تريليون دولار.
ومن المقدر أن تبلغ نسبة الديون على الحكومة الأميركية (الفيدرالية وحكومات الولايات) أكثر من 100 % من الناتج المحلي بقليل في نهاية العام 2012. والدولار تراجع الى أدنى مستوياته منذ أشهر حيال اليورو، وهبط المردود على السندات الأميركية الى أدنى مستوى لَه منذ عشرين سنة.
فالوضع الاقتصادي الأميركي لا يوحي على الإطلاق بالطمأنينة، خاصة للدول التي تحمل أرصدة كبيرة بالدولار، وتستثمر الجزء الأعظم من محافظها المالية في أوراق وسندات مقيمة به. ولذلك، فإن الاقتصاد العالمي يقف على مفترق طرق صعب ويختلف عما كان عليه الوضع الدولي عند نهاية الحرب العالمية الثانية لما أنشئت مؤسستا البنك والصندوق الدوليين.
فالولايات المتحدة كانت وحدها تتربع على عرش الاقتصاد العالمي وتتمتع بالمخزون الأكبر من ذهب العالم، أما الآن فهنالك منافسون كثر، ووضع الاقتصاد الأميركي أكثر هشاشة وانكشافاًً.ماذا نفعل نحن إذن؟ يجب أن يقوم المسؤولون على المحافظ العربية بالتحرك معاً، وتدارس الموقف بسرعة؛ فالأرصدة العربية بالدولارات تفوق أكثر من اثنين تريليون دولار بما في ذلك موجودات محافظ الصناديق السيادية ومحافظ البنوك المركزية والحكومات. الأمر يستحق العناية، وسرعة التحرك، ولا يجوز لدولة عربية أن تتحرك وحدها، فتجلب على نفسها الغضب الأميركي.
المطلوب من صندوق النقد العربي والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي التحرك، واتخاذ موقف واضح من هذه التطورات حتى ولو لم تتقيد به الدول الأعضاء.