من هم السلفيون الجهاديون وكيف بدأ الخطأ يوم الجمعة الأسود

أخبار البلد -كتب عمر شاهين - مئات المقالات وآلاف التعليقات انتقدت ما حدث في محافظة الزرقاء يوم الجمعة 15/4/2011، بعد أن اصطدمت مجموعة المجاهدين السلفيين مع رجال الأمن، العام وحقا أتعجب من العشرات الذي سألوني عن هذه الحركة، وكيف أنهم لا يعرفون عنها شيئا ، وباختصار فهم جماعة ينتمون عقيديا إلى عقيدة الالتزام بأفكار السلف أي الصحابة والسلف والخلف في القرون الثلاث الأولى ويرفضون استعمال العقل والتفسير المنطقي، وهؤلاء شذوا عن افكار السلفية نفسها، فتطرفوا في نظرية الولاء والبراء والأمر بالمعروف والمنكر بعد أحداث أفغانستان ونظروا إلى أن التغير يبدأ بالخلاص من الحكومات ومحاربة المجتمعات الضالة.

وقبل الحديث عن سلفية الأردن وأصنافهم يجب أن نفرق بين السلفية كمذهب فكري واسع وبين فئة خاصة خلطت السياسية في المذهب ، وتحجرت في رأيها فنتجت السلفية الجهادية –سياسيا – والتكفيرية عقيديا، والضلالية حسب التقسيم التنويري.وهنا أود أن أضع تاريخ للحركة من معلوماتي الخاصة ، مبتعدا عن النقل الحرفي والجدلي والخلافي حتى لا يطول الأمر.

السلفية مصطلح واسع وجدلي، ودخل بمشاحنات طويلة عبر تاريخ الإسلام ، وذلك لرفضهم دخول علوم الفلسفة والعقل إلى علوم الدين، حيث بدأ هذا الجدل مع علوم الحديث في بداية القرون الأولى والتزامهم ، بالتفسير النصي دون التأويل، وبعد أن ظهر علم الكلام على يد المعتزلة وخصوصا بعد نهضة الترجمة في عصر الخليفة المأمون بدأت منهجة عقيدة السلفية والتي ادعوا أنها عقيدة أهل السنة والجماعة، ولبساطتها وسهولتها انتشرت بين العوام ، وحرص عليها علماء الفقه الحنبلي وعلماء الحديث وهذا استمر حتى يومنا هذا .

أكبر تطور فكري تم في تاريخ السلفية عندما تبنى الشيخ العلامة ابن تيمية هذا المنهج، وكان بحر من العلوم قد أحاط بشتى أنواعها الديني والعقلي ، وكان حنبلي المذهب صاحب ذاكرة خارقة فألف الرسائل، والكتب وطور الفكر السلفي وصنف عقائده وكتب لهم المتون الصغيرة ، ورد على خصومهم وخاصة الأشاعرة والشيعة، وحتى يومنا هذا كل أتباع المذهب هم عالة على علوم ابن تيمية، الذي لم يجد في زمنه من سعى في فقه وتبنى آراءه حتى جاء بعد قرون طويلة الإمام محمد عبدالوهاب في نجد –السعودية ، فنشر المذهب وتحالف دينيا مع القبائل الحاكمة في الخليج وبعد ثورة النفط تمكنت تلك الدول من نشر المذهب السلفي عقيديا والحنبلي فقهيا.

وطوال تاريخ المنهج أو المذهب أو الفكر أو العقيدة السلفية شكلوا جدلا واسعا مع الأفكار الأخرى، ورفضوا دوما معظم مذاهب عصرهم واتهموهم في البدع والانحراف عن العقيدة، وذلك لتوقفهم امام عقائد وتفسير فترة زمنية أخرى ورفضهم إدخال العلوم الأخرى، وواجه الكثيرون منهم القمع ، وحتى حملة علي باشا ضد الحجاز والوهابية لاقت دعم الأزهر، والخلاف كان على نمط تفكير الشخصية السلفية.

حديثا بعد توجه الآلاف من المسلمين والعرب والأردنيين إلى أفغانستان ، تشبعوا هناك الفكر السلفي والذي انتشر من قبل المجاهدين السعوديين، والمصريين وهم من وجدوا في أفغانستان نصرة للمسلمين و وأرضا واسعة لمحاربة ملاحدة الشيوعيين، كمان أن الفكر السلفي تشبع لدى الأفغان في مخاصمتهم مع الشيعة من أبناء وطنهم، وبعد انتهاء حرب الأفغان ودخول الحرب الأهلية القبلية عاد المئات من الأفغان العرب وقد قتلهم الفراغ والبحث عن إكمال مشوارهم الجهادي الذي تحول إلى الإرهاب..

لدى العربي الأفغاني الآن طاقة كبيرة للجهاد،وبحثا عن الشهادة وإقامة حدود الله  ونفسية ممتلئة عبر دروس شيوخهم والأناشيد الحماسية، وفكر ظهر بين الجبال وفي ساحات المعارك،صنع التقيد بأفكارهم البدائية، وهذا اخرج لديهم أن المجتمعات غير المجاهدة ، هي كافرة ومرتدة، ومعها كل من لا يحكم بأوامر الله، وان الحكومات العربية والشعوب مرتدة خارجة عن الشريعة لذا يجب التبروء منها، ومحاربتها، وظهر هذا جلياعندما بدأت الحكومات تصطدم مع تلك الحركات التي قبض على عناصرها وهم يملكون السلاح ومواد تفجير ، لتنطلق المواجهة و الخصومة الواضحة.

انتشر فكر التغير بالقوة ، والعودة إلى منهج السلف، والفكر التكفيري والسلفي الجهادي بين المجتمعات الفقيرة، وبين التائبين الجدد أو من تمسك في عقيدة الجهاد والتغير الفوري في الإسلام، لذا تجد في كل عناصر السلفية تعدد متنوع فليس كلهم من المحبطين أو الفاشلين أو الفقراء كما يقال عنهم، بل هناك متعلمين وأصحاب ثورة مالية كابن لادن والظواهري، وتظل نقطة الخلاف هل نغير العالم فورا وعبر القوة أم ننهج بالتغير الفكري والعقلاني المعتمد على الدليل ، وهنا يظهر الخلاف بين السلفية الجهادية والأخرى والتي تسمى التقليدية أو الحكومية.

في الأردن ظهر رموز كثيرة ،وأعداد واسعة  ويلحظ هذا في ثيابهم ، وطريقة تعايشهم وعدم اختلاطهم مع الآخرين وابتعادهم عن الجامعات ، وأماكن  العمل مع الحكومة ولحاهم الطويلة وكحلة العين الواضحة، واللباس الشبيه بما يرتديه مسلمي شرق آسيا، وأكثر أماكن تواجدهم الزرقاء واربد وعمان الشرقية والسلط ومعان .

 تحيط الأجهزة الأمنية بهم جيدا ولديها جميع المعلومات عنهم واعتقد أن أكثر المختصين بهم الاستخبارات العسكرية وفرق مكافحة الإرهاب في المخابرات العامة، واعتقل منهم الكثير وهرب معظم قياديوهم إلى الخارج وشكلوا هناك في العراق وباكستان رموز قيادية منهم أبو مصعب الزرقاء وعشرات غيره.واحدث منظريهم عصام البرقاوي والمعروف بابو محمد المقدسي.

يعرف عنهم الخشونة والشجاعة المفرطة ولا يخافون الموت أو السجن ، ومع أن الكثير من سلفية التكفير والجماعات الأخرى أجرت مراجعات وأعلنت التوبة عن أفكارها الا ان هذا قليل جدا في سلفية الأردن التي لم تستطع الحكومة التعامل معهم سوى عبر طرقة السجن والعزل والمطاردة الامنية.

كما أن عملية الحجر السياسي ، وعزل الأئمة المتمكنين عن المنابر ، والتدخل في خطب الجمعة ، ومنع الإخوان المسلمين من التحرك في المدن الأردنية ، وتغيب الفكر الديني المعبر عن الإحباط السياسي أنتج انتشار للسلفية الجهادية، قابلها وسائل الاتصال وخاصة الانترنت، للتواصل مع جماعات القاعدة ومنظري الفكر السلفي.

وشكلت حادثة عرس ابن ابو محمد الطحاوي التي ظهرت على قناة العربي في عام 2007 صورة واسعة عن التيار السلفي في الأردن، حيث ظهر المئات ينشدون ويخطبون، وهذا الظاهر منهم ، ولكن عموما هناك تخوف من المجتمع منهم لأفكارهم الصعبة والمتحجرة، ويتعاطف البعض معهم لعداء أمريكا لهم. ويتجنبوا في العادة التحرك ضمن مناطقهم لذا يلجئوا إلى بلاد أخرى بعيدا عن عين الرقابة الأمنية .

هذه فكرة عامة عن السلفية الجهادية اعتمدت بها على ذاكرتي لأجيب على الكثير من الأسئلة نحوهم بعد احدث الزرقاء، والتي جاءت بعد 6 اعتصامات لهذه الجماعة ، أتسمت في طرح أفكارهم بشكل واضح،وجريء لم يسبق في الأردن وذلك استغلالا لموجة الاحتجاجات، وطالبوا بإعلان الدولة الإسلامية –حسب مذهبهم- ومن ثم الإفراج عن ابرز معتقليهم في سجن الجويدة علما أن معظم معتقليهم متهمين في قضايا إرهاب كبيرة وواسعة .

ما حدث يوم الجمعة متعدد الروايات ولكنها وقعت تحت خطا واحد الجهل في هذه الحركة وعدم تخمين مواجهتهم، فأصلا لا يجوز قبول فكرة اعتصامهم طالما هم أصلا لا يؤمنون في الدولة المدنية وحقوق التعبير الشخصية، ومع ذلك فالحكومة تقول أنهم اعتدوا على الناس بعد الاجتماع بلا سبب، ، والسلفيون يقسمون أنهم بدؤوا فقط بالدفاع عن أنفسهم ، بعد أن هاجمهم مدنيين بالحجارة وشتموا الذات الإلهية وشتموا أعراضهم.مما صنع لديهم ردة فعل مقابلة سيما أن السلفيين الجهاديين لا يقبلون بالهروب أو الاستسلام مثل ما حدث مع شباب 24آذار ويعتبرون أيضا ان مقاومتهم لرجال الأمن جهاد في سبيل الله ، فهل قرئت هذه الجماعة ودرس رد فعلهم ضمن ميع السيناريوهات التي فسرت ما حدث يوم الجمعة؟اولها ان هناك تعبئة ضدهم تمت بعد السماح لمعظمهم في المغادرة والاصطدام مع اخر قوافلهم، ام إظهار رفض شعبي منظم ، ام انفعال شبابي ضدهم باستعمال الشتائم والحجارة، المهم النتيجة كانت سيئة وضحاياها من رجال الامن، ويجب ان نحذر من اعمال انتقامية قادمة قد يرتكبوها.

 

Omar_shaheen78@yahoo.com