حكومة النسور وضريبة العمر المديد

التعديل الوزاري المختصر الذي تم إجراؤه على حكومة الدكتور عبد الله النسور يؤشر نحو الاحتمال الأكثر رجحاناً بخصوص امتداد عمرها إلى نهاية مدتها الكاملة التي قد تصل إلى أربعة أعوام، مما يجعلها تقفز عن حاجز ال (40) شهراً التي استهلكها قبله السيد علي أبو الراغب. طول المدة الفعلية للحكومة قد يدخل السرور والطمأنينة على نفسية الرئيس والوزراء، ولكن هناك ضريبة باهظة سوف تدفعها الحكومة في نهاية المدة، بسبب عسر الحساب الذي ينتظرها، وبسبب دقة التقويم الذي تستعد له الجهات والأطراف المختلفة سواء كانت محايدة علميّة، أو من جانب الخصوم السياسيين وهم كثر. معدل عمر الحكومات الأردنية منذ تشكل الدولة الأردنية لا يزيد عن عام، مما يعطي مبرراً للحكومات ورؤسائها بأنهم لم يأخذوا المدة الكافية لتنفيذ برامجهم ورؤاهم، بالإضافة إلى ضياع المسؤولية بين الحكومات المتعاقبة، ولكن الحكومة التي قضت في موقع المسؤولية أربع سنوات فقد تم الإعذار إليها، ولا تملك المبرر الكافي للتنصل من المسؤولية، ولذلك على الرئيس وعلى الحكومة أن يكون مستعداً لهذه الساعة القادمة لا محالة. الأمر الأكثر وضوحاً في مسيرة هذه الحكومة أنها حظيت بالاستقرار وهدوء الشارع، وأخذ الرئيس كامل راحته في إصدار القرارات الجريئة التي كان يتم تحاشيها وتأجيلها في ظل الظروف المحلية والإقليمية الصعبة، خاصة فيما يتعلق بالشأن الاقتصادي ورفع الأسعار، وإزالة الدعم عن المشتقات النفطية وزيادة أسعار الكهرباء والمياه على وجه الخصوص، بالإضافة إلى بعض التشريعات المتعلقة ببعض المجالات الحيوية التي تمس عصب المواطن. نتمنى أن تكون جردة الحساب موضوعية ومنطقية، وترتكز على معايير وأسس علمية، وتبتعد عن الانطباعية والعشوائية في قذف التهم، وأن تكون الإجابة أيضاً علمية وموضوعية، وتمتاز بالوضوح والجرأة واحترام عقل المواطن كذلك. التقويم له عناصره الكثيرة، وتفصيلاته المتشعبة، ولكن هناك مسائل كبيرة ومحاور مهمة تشكل العمود الفقري للتقويم تتلخص بنقاط محددة، الأولى تتعلق بالمديونية الكبرى التي تؤرق الدولة والمواطن والمسؤول، بحيث تكون الإجابة واضحة حول الرقم الدقيق لحجم الدين في اليوم الأول الذي أقسمت فيه الحكومة اليمين، وكم أصبح الرقم في يوم قبول الاستقالة، وحول الرقم الدقيق للعجز كم كان، وكم أصبح، وهناك سؤال اخر مهم يتعلق برقم مرتبة الأردن على دليل التنمية البشرية قبل أربعة أعوام، وأين أصبحت مرتبة الأردن الآن، والاستعداد لمجموعة الأسئلة المتعلقة بدخل المواطن ومقياس الرفاه الذي تحقق له على المستوى الصحي والتعليمي، وحصته في المياه الصالحة للشرب، وأين كنا وأين أصبحنا في برنامج الإصلاح السياسي، وعن منسوب الحرية والعدالة. أعتقد أن لغة الأرقام الدقيقة الواضحة هي اللغة المتوقعة بعيداً عن لغة الإنشاء والبلاغة اللفظية، وبعيداً عن لغة الخطابات التي تختبىء في تجويفات الألفاظ التبريرية، وبعيداً عن دغدغة العواطف التي كنا نلجأ إليها عادة في الأعم الأغلب، مع التأكيد على أننا جميعاً في خندق واحد في خدمة هذا الشعب وحماية هذا الوطن والذود عن حياضه في كل الظروف. - See