14 جريمة قتل بأول 10 أيام من الشهر الجاري.. وخبراء يحللون

اخبار البلد

 

ارتفع معدل الجريمة مطلع شهر تشرين ثاني/ نوفمبر الجاري إلى مستويات عالية جدا، حيث رصدت "السبيل" في الأيام العشرة الأولى من هذا الشهر مقتل 14 شخصا، بينهم ثلاث حالات انتحار.

ففي قاعدة عسكرية بالموقر، أقدم النقيب أنور أبو زيد يوم الإثنين على قتل مدربيْن أمريكيّيْن، وآخر جنوب إفريقي، ومترجميْن أردنيين  فيما يرقد آخرون على أسرة الشفاء بإصابات متوسطة. 

أما في جرش، فقد أقدم مواطن على إطلاق رصاصة من سلاح بومب اكشن على بطن زوجته، ما أدى إلى مقتل جنينه، وإصابة زوجته وحماته، وجارته بإصابات طفيفة. 

وعُثر في إحدى مزارع الشونة الجنوبية على جثة عامل مصري، ليتبين لاحقا أن شخصا قتله بسلاح ناري، مطلقا رصاصة على رأسه، وترك جثته لعدة ساعات قبل أن يتم اكتشافها. 

كما فارق مواطن الحياة، إثر تلقيه طعنة في الصدر من أحد الأشخاص، أثناء مشاركته بمشاجرة جماعية في الرصيفة. 

ومن أبشع الجرائم التي سُجلت في الأيام الأولى من هذا الشهر، إقدام مواطن ثلاثيني مسجل بحقه 45 إسباقية، على قتل شقيقته الثلاثينية، وابنها البالغ من العمر 15 عاما بسلاح ناري، دون إبداء أي سبب. 

وبالانتقال إلى حالات الانتحار المثيرة للجدل، فقد أشغلت قضية وفاة الشقيقتين ثريا وجمانة السلطي الرأي العام المحلي، 
بدوره، أقدم مواطن ستيني على إشعال النار في نفسه بالمقابلين، أمام أعين الكاميرات في مشهد قاس للغاية، قبل أن يسقط على الأرض، ويفارق الحياة مع فشل محاولات إنقاذه من قبل المواطنين 

وبحسب مراقبين، فإن المثير في الأيام العشرة الأولى من هذا الشهر، هو تزامن ارتفاع معدل جرائم القتل، مع كارثة "الخميس" في عمّان، والتي راح ضحيتها وفاة أربعة أشخاص بسبب غرق منازلهم بالمياه.

وأضاف مراقبون أن "جرائم القتل، وحوادث الغرق، تزامنت أيضا مع ارتفاع الوفيات بسبب حوادث السير"، حيث سُجلت في الأيام العشرة الأولى من هذا الشهر، عشر وفيات بحوادث سير.

والوفيات العشرة كانت كالآتي: وفاة خمسيني دهسا في الجويدة، وفاة مواطن بحادث سير على طريق المطار، وفاة سائق حافلة جامعة البترا بتدهور حافلته على طريق المطار، وفاة عشريني ووالدته بحادث سير في جرش، وفاة شخص بحادث سير في جرش، وفاة شخصين بحادثي سير في الزرقاء، وفاة ثلاثيني دهسا على طريق الشونة الجنوبية، وفاة شخص بحادث سير في عمّان.

كما سجّلت مديرية الأمن العام وقوع عدة إصابات نتيجة مشاجرات خلال الأيام العشرة الأولى من هذا الشهر، كان أبرزها طعن وافدين مصرييْن في الهاشمي الشمالي، حيث تم نقل أحدهم إلى العناية المركزة بمستشفى الأمير حمزة الحكومي، ويجري البحث عن ثلاثة مواطنين متسببين بإصابته، بالإضافة إلى طعن شاب بالرمثا نتيجة مشاجرة جماعية.

"السبيل" بحثت مع العميد المتقاعد من الأمن العام حسين الطراونة أسباب الارتفاع الملحوظ لمعدل الجريمة في الأيام الماضية، حيث أكد أن من أبرز العوامل المساعدة في هذه القضية هو "بعد الناس عن الدين".

وأوضح الطراونة أنه "بالفعل طرأ ارتفاع في الآونة الأخيرة على معدل الجريمة، إلا أن أسباب ذلك تعود إلى عدة سنوات مضت، ومن أبرزها بالإضافة إلى الابتعاد عن الدين الإسلامي وتعاليمه، هو التغير الواضح الذي حدث في أخلاقيات المجتمع".

وأضاف: "هوية المواطن الأردني في تغير مستمر، فلم تعد الضوابط والقيم تردع مثل الماضي، ولم تعد للمواطن أي قناعة في تحسن وضعه بالمستقبل".

وبالرغم من ذلك، رفض العميد الطراونة وضع المسؤولية في ارتفاع نسبة الجرائم إلى ظروف الحياة السيئة، قائلا إنه "مهما ساءت ظروف الشخص لن يكون ذلك سببا في ارتكابه جرائم بشعة".

كما أوضح الطراونة أن "ارتفاع معدل الجرائم ظاهرة تستحق دراسة مستفيضة بشأنها"، مشيرا إلى أن "الأمن العام هو حلقة من سلسلة حلقات عليها عبئ التخلص من هذه الظاهرة، ومن ضمن هذه الحلقات، وزارة الأوقاف، ووزارة التنمية الاجتماعية، والمؤسسات المجتمعية وغيرها".

كما نوّه الطراونة إلى خطورة عامل "الفراغ"، و "الأمراض النفسية"، في زيادة معدل الجرائم، قائلا إن "المجتمع لا يتقبل المرضى النفسيين"، في إشارة إلى إقدام العديد ممن يعانون أمراضا نفسية إلى الانتحار، أو ارتكاب جرائم بحق غيرهم.


وأكد العميد الطراونة أنه "من المهم عدم تعميم هذه الأسباب على جميع الحالات، فيجب دراسة كل حالة على حدا، كون أغلب الحالات لها خصوصية عن مثيلاتها".

وختم العميد الطراونة حديثه لـ"السبيل" بقوله إن "مواقع التواصل الاجتماعي، وقنوات أفلام الأكشن الأجنبية، والهجرات القادمة إلى الوطن، وغيرها، أسهمت في تعليم بعض المواطنين طرقا بشعة في الجرائم، وأيضا يعمد بعض مرتكبي الجرائم إلى تقطيع ضحاياهم بهدف إخفاء آثار الجريمة، إلا أن الله يفضحهم ولو بعد حين".

الدكتور رياض الصرايرة، أستاذ علم النفس والاجتماع في الجامعة الأردنية، كانت له وجهة نظر مختلفة عن العميد الطراونة، حيث أكد أن "الأسباب الاقتصادية تأتي في مقدمة العوامل المساعدة على ارتكاب الجريمة، والانتحار".

وأضاف الصرايرة في اتصال مع "السبيل" أنه: "وبالإضافة إلى الأسباب الاقتصادية والتي يأتي في مقدمتها البطالة، والفقر، نجد أن انهيار القيم المجتمعية، وانعدام التماسك الاجتماعي أدى لارتفاع معدل الجريمة بشكل كبير".

وتابع: "في السابق كنا نجد في كل عشيرة كبير له كلمة مسموعة، ومجوعة ضغط، وأخرى للردع، لكنها انهارت تدريجيا في السنوات السابقة".

وأكد الدكتور الصرايرة أن "ثورة المعلومات، والانفتاح المعلوماتي أدى لابتكار أساليب جديدة في الجرائم، حيث أن العالم أصبح قرية واحدة بعد دخول الانترنت، والفضائيات لمنازلنا".

كما نوّه الدكتور الصرايرة إلى خطورة عامل "اليأس"، مشيرا إلى أن "بعض حالات الانتحار تعود لأشخاص حالتهم المادية جيدة، ووضعهم الاجتماعي مستقر، إلا أن أمورا شخصية قد تدفعهم للانتحار بسبب سرعة تأثرهم بحوادث بسيطة، ويأسهم من الحياة بعد ذلك".