سلامة الدرعاوي يكتب : شكرا خالد شاهين..الرسالة وصلت
اخبار البلد- بعد مرور 49 يوما على اختفائه في فندق الداوشيستر في لندن واكتشاف امره من قبل "العرب اليوم " من انه لم يغادر الى امريكا للعلاج بعد ان سمحت له الحكومة بذلك ,خرج السجين خالد شاهين ببيان يهدد ويندد بكل من يشكك بهروبه ويتوعدهم بالملاحقة القانونية متناسيا نفسه انه محكوم بقضية فساد وان هناك قضايا جديدة حولت لمحكمة امن الدولة.
السجين شاهين تحول في بيانه الى سفير للورع والتقوى, لذلك افتتحه بآية قرآنية خاطئة, كدليل على تعمقه وايمانه, ثم انتقل يتوعد من أثار قضيته قائلا "بلغ السيل الزبى", واللافت انه استخدم لغة التفخيم والتعظيم على اعتبار انه شيء كبير يشابه رؤساء الدول, غير مكترث بانه محكوم بقضايا فساد في الاردن.
بيان السجين كان واضحا لا لبس فيه من حيث المضمون, لذلك فان الرسالة التي اراد ان يوصلها للاردن كانت محددة تتعلق بقضيتين.
القضية الاولى انها تضمنت تهديدا واضحا للنظام الاردني الذي يحاول حسب رأي السجين تحويل انظار المواطنين عن مواطن الفساد الحقيقية والهائهم بقضايا جانبية, وان الايام ستكشف حقيقة الامر, وهو يقصد صراحة تحالفاته مع بعض القوى السياسية الرسمية الفاعلة في السنوات الاخيرة والتي من خلالها اثري شاهين ورفاقه ثراء فاحشا وحصلوا على مشاريع ما كان بالامكان الحصول عليها لولا التوظيف السيئ للسلطة وبشكل مخالف للقانون, والاردنيون يتطلعون الى ذلك اليوم الذي يكشف شاهين عن تحالفاته ومن اشترك معه بالصفقات السرية القذرة.
هذا الامر لا يؤثر على سمعة النظام الاردني لانه ارفع من تلك الادعاءات المزيفة, والجميع يعلم ان السجين شاهين هو من اكثر من وظف اسم جلالة الملك للحصول على مشاريع ممولة من الخارج, وليتذكر السجين صفقات المياه في فندق الفورسيزن بواشطن, وكيف حاول استغلال تواجد الملك هناك خلال زيارة رسمية والترويج انه جزء من الوفد الرسمي وذلك للحصول على بعض المشاريع المخصصة للاردن.
ولا يخفى على احد ان رفض ممثل الخدمات الطبية الملكية علاج شاهين بالخارج "بيض" صفحة النظام امام كل من تسول نفسه التشكيك, لانه لو تم القبول مثل باقي الاعضاء لقال البعض ان هناك ترتيبا رسميا جرى اعداده لتهريب شاهين للخارج.
القضية الثانية من بيان السجين من لندن هو انه لن يعود للاردن الا حين انتهاء فترة نقائه كاملة, فالامراض منتشرة في جسمه وحالته باتت صعبة وهو يتنقل بين العواصم للبحث عن مستشفى يعالج حالته المستعصية التي ثبت ان طبيبا اردنيا عالج 11 حالة مشابهة لحالة شاهين تحت شادر في افغانستان. لذلك, من الملاحظ في بيان السجين انه لم يتحدث ابدا عن كونه سجينا اساسا وذهب للعلاج بالخارج, لا بل انه لم يتطرق لموضوع حبسه.
الامر اللافت في بيان السجين المقيم في لندن هو قصة التأشيرة لامريكا حيث يصر انه غادر الى الولايات المتحدة بفيزا صالحة ويبدو انه تناسى انه تم سحب التأشيرة منه منذ اليوم الاول لدخوله سجن سلحوب, وحاول فبركة قصة مبنية على نظرية المؤامرة بانه تفاجأ عندما وصل الى مطار هيثرو بان موظفا امريكيا ابلغه بسحب الفيزا دون ابداء الاسباب وانه تأكد من مصادره الخاصة ان شخصيات اردنية ضغطت على السفارة الامريكية في عمان للقيام بهذا العمل. والحقيقة ان القانون الفيدرالي الامريكي ينص صراحة على عدم استقبال اي شخص صدر عليه حكم قضائي, وهو امر معروف للعامة.
امر اخر مثير للتساؤل وهو قصة تمزق الحاجب الحاجز عند شاهين كما يدعي, فان كان هذا الكلام صحيحا فلماذا لم يقم اطباؤه الخاصون بتشخيص هذا التمزق الذي لم يكتشف الا في لندن ?الجواب إما ان اخطأ اطباؤه في التشخيص اساسا لانه لا يجوز السماح لمن يعاني من تمزق في الحاجب بالسفر لان حياته في خطر, واما ان يكون طبيب الخدمات الملكية الذي رفض علاجه في الخارج خاف على حياة السجين من السفر وهو يعاني من التمزق, الجواب الصحيح هو عند شاهين نفسه.
بيان شاهين الذي اشترك في اعداده صحافيان اردنيان في عمان جاء اساسا لمطالبة الحكومة بذلك بعد ان اتصل به رئيس الوزراء نهاية الاسبوع الماضي وطالبه بتوضيح موقفه مما يثار بالاعلام حول خروجه وتقديم كل التقارير الطبية التي توضح حالته الصحية هناك والتي سلمها الرئيس هي وغيرها من الوثائق لهيئة مكافحة الفساد, بعد ان اوعز جلالة الملك بفتح تحقيق في كيفية سفر شاهين للخارج, التي كانت الحكومة حتى قبل اسبوع تستقصي عن مكان اقامته ولا تعلم عنه شيئا.
الحقيقة ان مشكلة سفر شاهين للخارج ليست مشكلة السجين, انما هي مشكلة الحكومة ذاتها التي وافقت على ذلك القرار المثير لمجموعة كبيرة من التساؤلات. فالقضية لن تنتهي ببيان السجين, على العكس الفضيحة بدأت تكبر وتأخذ منحى جديدا ستتكشف خفاياه للرأي العام قريبا.0