الصحافة الأردنية تعترض على محاكم التفتيش في ساحات الإعتصام وعلى تحويل 'الرقم الوطني' لهاجس يومي لفئات من المواطنين
اخبار البلد- ـ من بسام البدارين: تتوالى تحقيقات الفساد في الأردن وكأنها مسلسل درامي طويل لتكشف عن المزيد من المفاجآت وبصفة يومية أمام الرأي العام حيث يساهم الكشف عن الفساد في رفع سقف نشر المعلومات صحافيا وفي تخفيف حدة مطالبات الشارع بالإصلاح ومحاسبة الفاسدين.
وعلى هذا الأساس إنشغلت الصحافة المحلية الأسبوع الماضي بمتابعة تطورات التحقيق في بعض ملفات الفساد، حيث حجز على أموال عشرات الأشخاص في إطار التحقيق بملف يعود لمشروع الديسي المائي وشركة موارد العقارية العملاقة ومشاريع لها علاقة باستشارات قانونية وهمية وبأمانة العاصمة الأردنية عمان في العامين الأخيرين.
ولاحظت الصحف ان حدة اعتصامات الشارع خفت وكذلك الإنشغال بمطالبات الإصلاح السياسي بعدما شغلت ملفات الفساد الجميع، واستنتج الكاتب فهد الخيطان رئيس تحرير صحيفة 'العرب اليوم' ان تطبيق قانون من أين لك هذا مرهون بقدرة النظام السياسي على تحمل النتائج المترتبة عليه حيث تعمل الحكومة على إصدار القانون الذي وصفه الوزير طاهر العدوان بأنه سيقض مضاجع كل فاسد يعتقد انه بعيد عن الملاحقة والمساءلة'.
وقال الخيطان: اثبتت تجربة الاردن الحديثة في مكافحة الفساد عجز التشريعات القائمة عن الإحاطة بكل اشكال الفساد والتحقيق بثروات تضخمت لشخصيات تبوأت مراكز قيادية واصحاب 'بزنس' استغلوا علاقاتهم مع رجال في الحكم للتحايل على التشريعات وتعديلها احيانا بما يخدم مصالحهم وأضاف الكاتب: ان الكسب غير المشروع يعد واحدا من اهم 'مصادر الدخل' لفئات من رجال الاعمال والحكم في الاردن، والراصد لتاريخ التطور الاقتصادي والسياسي في العشرين سنة الاخيرة بمقدوره ان يلحظ وبسهولة المؤسسات التي تمركزت فيها هذه الفئات، وأوجه النشاط المتداخلة التي عملوا فيها، والاشكال المتعددة والظاهرة للكسب غير المشروع, ومظاهر الثروة البادية على اصحابها يتوارثونها جيلا بعد جيل.
وفي صحيفة 'الغد' تحدث الكاتب أسامة الرنتيسي عن الصحوة الشعبية العربية حيث تغيرت نظرة الشعوب للمستقبل لكنها لم تغير الأوهام التي تسكن عقول من قادوا المرحلة السابقة، بدءاً من وهم محور الاعتدال وما آل إليه أصحابه، إلى وهم إمكانية استمرار العمل في مسيرة السلام والتفاوض، وما يحاول الرئيس الفلسطيني فعله، إن كان خلال وجوده في مقر السلطة في رام الله، أو من خلال جولاته التي لم تتوقف رغم كل ما جرى في العالم العربي من متغيرات، إلى زيارته للقاهرة بعد الثورة.
عباس في القاهرة - يشرح الرنتيسي - هذه المرة بدعوة رسمية، نقلها وزير الخارجية نبيل العربي. وزيارة عباس، قبل ثورة '25 يناير' لم تكن تخضع للبروتوكولات الرسمية، كان يرتادها مع كل جولة خارجية له ومع كل حدث فلسطيني، فالمحطة المصرية كانت قبلة مشاوراته العربية والملزمة في كثير من الأحيان وعباس في القاهرة ليستكشف الجديد فيها، بما في ذلك 'ميدان التحرير'، والدور الذي يلعبه في صياغة القاهرة لقرارها الفلسطيني ومراد الموافي، خليفة عمر سليمان، لم يحدث انقلاباً في جهاز المخابرات العامة المصرية، وهو ما يطمئن عباس، إذ إن هذا الجهاز هو الحاضن للحوار الفلسطيني. ونبيل العربي رجل يؤمن بالمفاوضات وبالحلول السلمية، وهذا أيضاً مطمئن، لأن المفاوضات ما تزال هي الخيار المصري.
وعبر الكاتب محمد الصبيحي عن صدمته عندما سمع رئيس الوزراء الاسبق علي أبو الراغب يتحدث عبر قناة (رؤيا) الفضائية فيطالب بالتحقق أو التحقيق في الاتهامات التي يكيلها له أطراف هنا وهناك الى أن قال عبارة صادمة 'انا بدي اخلص.. بدي براءة ذمة'، وهذه أول مرة يقف فيها رئيس وزراء سابق علنا متحديا من يكيلون الاتهامات لحكومته ومطالبا الهيئات الرقابية أن تحقق وتبدي رأيها وتمنحه براءة ذمة لعل سيل الاتهامات ينتهي.
وقال الصبيحي: طفح الكيل وحيثما جلسنا نسمع العجب العجاب حتى لتكاد تجزم من هول ما تسمع أنه لا يوجد لدينا مسؤول نظيف! ومن بين مئات الشخصيات التي تولت مناصب وزارية لا يوجد واحد لم ينله من شرر الاتهامات نصيب.. كل رئيس وزراء وكل وزير وأمين عام ومدير ونائب في الاردن فاسد حتى يثبت هو براءته، هذا هو هرم العدالة الاردني المقلوب، عدالة ينصب فيها من هب ودب نفسه مدعيا عاما وقاضيا وعلى كل مسؤول أن يثبت براءته لدى محاكم التفتيش الدديمقراطية في ساحات الاعتصامات وشوارع المسيرات.
وفي صحيفة 'الدستور' تحدث الكاتب ماهر أبو طير عن طوابير الشباب التي تقف مجددا أمام دائرة التعبئة، بعد ان تمت دعوتهم لاجل خدمة العلم، واعمارهم تتراوح بين الثامنة عشرة، والسابعة والثلاثين وأغلب هؤلاء يعتقدون انه لم تتم دعوتهم بهذه الطريقة الا لوجود توجه غير معلن حالياً لاعادة خدمة العلم،ولو بشكل مختلف، ولايصّدق هؤلاء ان القصة روتينية، وتشاهد بأم عينيك آلاف الاشخاص والسيارات وهي تحيط بمبنى التعبئة في 'دابوق' وفوق ذلك يتذمر كثيرون من هذا الوضع، لان بعضهم خارج الأردن، ولا يعرف كيف سيقوم بتصويب أوضاعه، وهل يؤثر ذلك على عمله أو وظيفته، وهل سيتم سؤاله حال عودته الى الاردن، وتعريضه الى اي اجراءات؟!.
وأضاف الكاتب :مع ما سبق قامت 'التعبئة' في فترة ما، باحالة كل من له تصريح اقامة في الضفة الغربية، ويحمل بطاقة صفراء، أو ولد أحد والديه في الضفة الغربية الى دائرة المتابعة والتفتيش للتأكد من مواطنته.. مراجعة المتابعة والتفتيش باتت في كل شيء،من تجديد الجواز،الى اي معاملة اخرى،مما يجعل كثرة تعتقد انها في الطريق الى سحب الرقم الوطني في اي لحظة، ولاي سبب او اجتهاد، فتعيش تحت وطأة المخاوف والارباك والذعر.
واعترض أبو طير على جعل الرقم الوطني هاجساً يومياً، بات مربكا لحياة كثيرين، خصوصاً، حين تواجههم القصة عند كل حركة وسكنة ومعاملة، ولم يبق سوى مراجعة دائرة المتابعة والتفتيش في دفع فواتير الكهرباء والمياه.