يا لهوي يابا ..!!
راكان قطيشات؛ شاب أردني يستحق منا كل الشكر فوق التحية، لكنه شكر لن يرتقي إلى حجم الخير الذي قدمه حين أنقذ مجموعة من الأطفال حاصرتهم مياه الأمطار في غرفة ما، الحمد لله الذي جعل فينا أهل نخوة وشهامة وتضحية لإنقاذ الناس من فواجع وكوارث «فضيحة وفظيعة» سببها الفعلي تقصير نفر منا.. لكن؛ هل تعلمون ما هي أكثرها فظاعة ووحشية وفضائحية وتهديدا لأمن الناس؟!، تلك هي التي يفلت مرتكبوها والمتسببون بها من العقاب، وشكرا جزيلا لكريم أردني اسمه أكرم قطيشات، على هذه النخوة الأردنية المتأصلة التي ظهرت في واحد من فيديوهات المطر على عمان، وشكرا للذي صور اللقطة وقدمها للناس.. عموما؛ لننتخب راكان قطيشات ومن هم مثله لإدارة الأعمال البلدية والخدمية، عفوا أعني لنتوافق. مين جاب سيرة «انتخابات»والله الا تضيعونا؟! ..يا لهوي يابا على قصص الانتخابات والمسؤوليات والتوافقات والعصابات والشلليات..ويا لهوي يابا على «أم السليك» التي رثت ولدها: طاف يبغي نجوة من هلاك فهلك... ليت شعري ضلة، أي شيء قتلك؟!. لكن ماذا عن حمدي وأمير ووالدهما ؟!!... الطفلان؛ الآدميان، اللذان حاصرتهما مياه الطوفان المطرية في بيت والدهما، ولم يكن ثمة راكان قطيشات أو غيره لإنقاذهما، فصعدا إلى السماء فسبقا المطر والنظر الى رب السماء والشمس والقمر، وظهر «فيديو» لرجل مكلوم لا أنفاس في صدره ولا كلمات سوى النحيب على طفليه.. كان الوالد يقف متكئا على سور العمارة، ينظر الى بركة المياه التي غمرت قاعدة العمارة حتى طابقها الأول، يضرب بكفيه على حجارة السور منتحبا، ويخاطب صغيره أمير : ح جبلك العصير يابا ..ح جبلك نور عيني ..آه ياني.!.. ثم يضع رأسه على السور ناحبا : يالهوي يابا ..يا لهوي يابا! هل من كلمات تتقصى شعور والد ينظر الى بيته المغمور بالمياه، ويخاطب طفليه المحتجزين تحت الماء؟ لا شيء في الواقع سوى قسوة أخرى قالها أحد المسؤولين معاتبا : من يترك أطفاله في تسوية تحت عمارة؟..ولو سألوه عن العصير لقال كذلك : من يسقى أطفاله عصيرا بعد كل هذا الماء ! ..يا لهوي يابا على التبريرات والتفسيرات! ترى هل من فيديو أو مسؤول متذاك يستطيع التكهن بشعور الأم، أعني والدة حمدي وأمير؟ سننتظر تقارير أمين عمان لتجيب، ولا شك أننا سنجد كل الصور الإنسانية الجميلة التي «تقترفها» البيروقراطية والترهل والفساد المقيم، ثم تنساقى على صداها مسرات قصص البطولات والنجاحات الإدارية..يا لهوي يابا على الكفاءة العقلية والإدارية!. يا لهوي يابا على العمانيين: حين يرتفع الشارع عن مستوى البيوت والرصيف، فتصبح المدينة جزيرة عائمة، ويا خراب المدن حين يغزو إدارات شؤونها التقصير ويغرق خطابها بالرطانة والتفكير العفن.. يا لهوي يابا على خراب مالطا بعد أن قام فيها دين الدجل ووصلات الغزل والزجل بأبطال المسؤولية الخدمية الذين يضعون المسؤولية على وزير الداخلية.. القوم وجدوا وظيفة جديدة للوزير.. لماذا لم تلق القبض على المطر؟! .. يا لهوي يابا ع العمل البلدي!. ماذا نكتب عن الخبايا والخفايا والزوايا والنوايا وعن الضرائب والمسقفات .. وعن ضحايا العصابة؟! قبل أقل من 20 ساعة على وصول كل هذه السقيا والغدق الإلهي، كنت أجلس مع صديقين هما الدكتور محمد داود المجالي، والاستاذ مخلد البكر، الذي أراد أن يضع عبارة على صفحته، تحاكي الدعاء المأثور عند قدوم العواصف والمطر، فكان يسألنا مترددا : هل أكتب سقيا خير أم سقيا رحمة؟!.. بدوري أحيل السؤال إلى أمين عمان، ولا بد سيجيب إجابة تدفع مخلد أن يكتفي بكتابة عبارة: يا لهوي يابا !.