سؤال الاستثمار.. والأجوبة المتلعثمة!

منصور حكمت النابلسي

لست كاتباً اومحللاً اقتصادياً ولم اكن ذات يوم معنياً بأن اخوض تجربة الكتابة وعلى وجه التحديد في الشأن الاقتصادي، فأنا منذ غادرت الوظيفة الدبلوماسية وانخرطت في العمل التجاري، ركزت اهدافي على الجمع بين هدفين تجويد الانتاج وتحقيق الربح الحلال بعيداً عن الاحتكار او الغلو او الغش وكنت دائماً وما زلت حريصاً على اداء واجبي الوطني عبر تركيز الاستثمار داخل الاردن.

في اطار هذه الرؤية الشخصية التي اعتقد انها متكاملة ومنسجمة مع كل القوانين والاعراف فانني احاول ان اعقد مقارنة مع ما يقوم به جلالة الملك عبدالله الثاني شخصياً ويدعو اليه من اجل دعم الاستثمار في الاردن والترويج له في الداخل والخارج ويبذل جهوداً مكثفة ودؤوبة على اكثر من صعيد، كي يجسد بالفعل الاردن نموذجاً يحتذى به كبنية جاذبة للاستثمار تتحلى بكل ما يطمئن المستثمر على امواله وفق القانون ويمكنه من استرداد مخاطر الاستثمار ودائماً في التوسع افقياً وعامودياً وبخاصة كون الاردن يشكل بوابة ونقطة جذب اقليمية في الاستثمار والتصدير الى الخارج، كما دأب سيد البلاد على لفت انظار المستثمرين والشركات الكبرى في العالم اجمع ونظرا لوجود اتفاقيات تجارة حرة بين الاردن وعديد من دول العالم في الشرق الاوسط وعبر العالم ايضاً.

المقارنة هنا بين الجهود المباركة لجلالة الملك وبين التعقيدات الادارية والبيروقراطية التي تفتعلها هيئات ومؤسسات وافراد، يظن بعضها انها بذلك تحافظ على «حقوق» البلد فيما هي في واقع الحال تعرقل وتضع المعيقات بل وسأقولها بالعامية المباشرة «تطفيش» المستثمر سواء كان اردنياً ام عربيا ام اجنبيا وهو ما تعكسه الارقام والمعطيات والحقائق التي يعرفها مسؤولو الاستثمار ومراقبة الشركات وما يتداوله الناس بينهم من احاديث وامثلة وعن الفارق الكبير بين الاقوال والتصريحات والافعال على الارض وما يواجهه المستثمرون من عراقيل ومعيقات وتعطيل، بعضه مقصود (وهو حديث الناس) وبعضه نتيجة جهل او لا مبالاة او نزق هذا المسؤول او الموظف او ذلك.

فأين هي بالفعل حكاية او وعود «الشباك الواحد» سواء في الاستثمار او استخراج الوثائق والشهادات والتراخيص وغيرها التي تمكث اسابيع في لف المستثمر ودورانه، فيما لا تحتاج الا الى ساعات قليلة ان لم نقل لاقل من ساعة في حال توفرت الحقائق والمعلومات وما هو مطلوب احضاره من وثائق ومستندات وشهادات وغيرها التي ينظمها القانون والقانون وحده وليس المزاج او البيروقراطية او العقد النفسية «وغيرها»؟

في النهاية فاننا وانا اسمع (ويسمع غيري ايضاً) تعليقات وتصريحات المسؤولين عن الجذب الاستثماري ويعقدون المؤتمرات والندوات وتمتلئ الصحف وباقي وسائل الاعلام بتصريحاتهم، فانني اسأل بالفعل لماذا تتدخل الحكومة (كل حكومة) في الشركات المخصخصة او تلك التي تساهم فيها وتكون هي (اي الحكومة) مساهماً صغيراً، بمعنى انها لا تمتلك الاغلبية لكنها رغم ذلك تقوم بتعيين اعضاء مجلس الادارة ورئيسه وتفرض على الشركات تلك ايذاءها من خلال (التعيينات وترى فيها الاسباب غير مقنعة انها تحافظ على شركات ذات رمزية وطنية مثل شركة الملكية الاردنية، وكأن كل شركات الأردن ليست رموزاً وطنية وجزءا لا يتجزأ من الاقتصاد الوطني.

اليس من حق المساهمين ان يستردوا بعض فوائد او ارباح او عوائد مساهماتهم؟ اليس الاستثمار في معناه الواسع هو تجارة تبغي الربح، فلماذا تأخذ الحكومة الضرائب منها مقابل التحقق من ارباحها اوليست هي شركات ربحية، فلماذا بعد ان (استردت) الحكومة اموالها بعد بيع تلك الشركات او جزء منها (يعني خصخصتها) تقوم بالتدخل فيها وفرض رؤيتها على سياستها الادارية والتجارية وتجعل منها مكاناً لاسترضاء هذا الشخص او الجهة او ذلك عبر فرض التعيينات والاشخاص وتحديد الرواتب وغيرها من الامور بل (الاوامر) التي تنفي تماماً صفة الاستثمار ولا تشجع عليه بل هي تقدم الدليل تلو الاخر على ان الاستثمار كما الخصخصة مجرد نقل من كتف الى اخر اوتغيير على اللونالخارجي فيما الجوهر كما هو؟
هل بهذه الامثلة (الاجوبة) المتلعثمة تريد الحكومة (اقصد كل الحكومات المتعاقبة) اقناعنا بانها فعلاً تلتقي قولا وعملا مع جهود جلالة الملك - حفظه الله - في جعل الاردن منطقة ونموذجاً وبينة جاذبة للاستثمار؟
اغيثونا يرحمكم الله