نجاح للدبلوماسية الأردنية
... ندرك ان علينا عبئاً تجاه ما يجري في القدس من انتهاكات قطعان المستوطنين واليهود لحرمة المسجد الأقصى والحرم الشريف، والمسألة لا تتعلق فقط بالوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس ولا على «الدور الخاص» للأردن في المقدسات، كما جاء في اتفاقية السلام «وادي عربة»، انها تتجاوز ذلك إلى المسؤولية التاريخية والوطنية والسياسية، ففلسطين في قلب كل أردني والأردن هو الرئة التي يتنفس من خلالها الشعب الفلسطيني.
أولئك الذين ينادون بقطع العلاقات مع إسرائيل وإجراءات سحب السفير وغيرها لا يدركون أن هذه المعاهدة وفرّت دوراً أردنيّاً مُسانداً للشعب الفلسطيني من خلاله تمكّن الأردن من تقديم الدعم والمساندة السياسية والمساعدات الإنسانية فجيشنا لديه مستشفيات في رام الله وغزة لمساعدة أهلنا الفلسطينيين وتضميد جراحهم.
في الأيام القليلة الماضية نشطت الدبلوماسية الأردنية، بقيادة جلالة الملك، لمنع تدهور الأمور في الأراضي الفلسطينية ومنع الانتهاكات بحق المسجد الأقصى والحرم الشريف ونجحت هذه الدبلوماسية في وقف التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الاقصى واعتراف رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو بالدور الأردني في القدس وفي الإبقاء على الوضع القائم واصدر بياناً لاقى ترحيباً من وزير الخارجية ناصر جودة، ولكن ذلك يتطلب تنفيذاً على أرض الواقع.
لقاء الملك مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري، أثمر عن نجاحات للدبلوماسية الأردنية بوقف الانتهاكات وجاء اقتراح الملك لوضع كاميرات المراقبة في الحرم الشريف ليضع العالم أمام مسؤولياتهم مستقبلاً لأن الكاميرات هدفها كشف الانتهاكات من جانب إسرائيل والمستوطنين وغيرهم وإلقاء المسؤولية أمام العالم ليعرف ويتعرف على حقيقة هذه الانتهاكات.
«لا مساومة على القدس»... هذا هو الموقف الملكي الذي يلتف حوله الأردنيون بكافة اتجاهاتهم ورؤاهم السياسية وهو موقف صلب يحتاج تدعيماً جماهيرياً من كافة القوى الفاعلة، المقدسيون رحّبوا بالموقف الملكي والأردني تجاه ما يجري لمدينتهم والفاعليات السياسية نظمت عشرات المسيرات والوقفات الاحتجاجية المساندة للأشقاء الفلسطينيين، وهو اضعف الإيمان لأننا نعتبر ما يجري في القدس وفلسطين جزء من واقعنا المجتمعي نظراً للتداخل الكبير في العلاقة بين الشعبين الأردني والفلسطيني، وامتدادات النسب والمصاهرة والعلاقات العشائرية الأخوية بين شقي النهر المقدس.
الأردن وفلسطين علاقة متينة يدعمهما هذا الحرص الملكي على ما يجري فيها والملك صاحب الوصاية الهاشمية يدرك ما لها من مكانة عند المسلمين وهو بانتسابه الديني لبيت النبوة ومكانته التاريخية والسياسية معنيٌ بكل الطرق الدبلوماسية وغيرها بالحفاظ على المقدسات المسيحية والإسلامية بعيداً عن أي انتهاكات من قبل اليهود وقطعان المستوطنين، الذين يدخلون الحرم الشريف بحماية رجال الشرطة الإسرائيليين.
لا أحد يستطيع أن يزاود على الموقف الأردني الذي اثبت صلابة وقوة خلال المحنة الأخيرة وما قدمه الأردن ليس مِنّة بل موقف تاريخي يُحسب له عند جميع العرب والمسلمين وأولهم الشعب الفلسطيني البطل الذي ينتظر الخلاص بايجاد دولته المستقلة فوق ترابه الوطني وعاصمتها القدس الشرقية.