حتى (المقدوس) لحقه دور؟!

في إحدى المرات كنت أحضر ندوة حوارية، وبعد أن قدّم المحاضر إيجازا عن الموضوع تم فتح باب النقاش للحضور على أن يعرّف كل واحد بنفسه.
سمح لأحدهم بالسؤال، فعرّف بنفسه قائلا: أنا (فلان الفلاني) رئيس جمعية المحافظة على (البرازق) ووجه سؤاله؟! ثم سمح لآخر فعرف بنفسه أنا (فلان الفلاني) رئيس جمعية الصداقة الأردنية - المريخية ووجه سؤاله؟! ثم سمح لآخر فعرّف بنفسه أنا (فلان الفلاني) رئيس جمعية رعاية شؤون (القنفذ) ووجه سؤاله؟! ثم سمح لآخر فعرّف بنفسه أنا (فلان الفلاني) رئيس اللجنة الوطنية العليا لإحياء (الشبّابة) ووجه سؤاله؟! بصراحة كنت أرغب بسؤال المتحدث لكنني خجلت من نفسي، فأنا الوحيد بين الحاضرين الذي لم يكن لديه أي منصب وخجلت أن أقول له: صالح عربيات متزوج وعندي ولد وبنت!!
بعد ان عدت الى المنزل فكرت في إنشاء مؤسسة مجتمع مدني، فقد أسرّ لي أحد الاصدقاء أن هناك (فائدة من وراء هالشغلة) !!
بدأت البحث عن مؤسسة تهتم بشؤون الدين: فوجدت أنه من الوضوء مرورا بالزكاة وانتهاء بالدعاء للميت لها مؤسسات تهتم وترعى ذلك، قلت لأبحث في التراث: فوجدت أن (الحواشي) و(الزغاريد ) (والربابة ) و(المهباش) وحتى (القطاريز ) لهم مؤسسات ترعى شؤونهم، قلت لأبحث في مجال رعاية الحيوان: فوجدت أن البطريق والأسد والدب والفيل لهم مؤسسات في الأردن للمحافظة عليهم، مع أن الفيل الوحيد الموجود في الأردن هو ابن جيراننا ووزنه فقط 92 كيلو ووقيتين!!
قلت لأبحث في مجال المناهضة: فوجدت لدينا مؤسسات مناهضة للعدو، ومناهضة للبرجر، ومناهضة (لليزي كيك)، ومناهضة للامبريالية، حتى (الشخير) وجدت مؤسسة مناهضة له!
قلت لأبحث في مجال خدمة المجتمع: فوجدت تنظيف المقابر، وتنظيم النسل، وحفر الكوسا، وحقوق المرأة الحردانة، وتشجيع الديمقراطية، والانف والأذن والحنجرة لها مؤسسات تعنى وتهتم بذلك!
بعض مؤسسات المجتمع المدني قدّمت خدمات جليلة للمجتمع واستفاد منها الناس ولها علينا واجب الشكر والتقدير والعرفان، ولكن بعضها أصبح فقط وسيلة للثراء السريع !!
أقرت الحكومة قبل عدة أيام آلية جديدة للحصول على التمويل الأجنبي لتلك المؤسسات، والمطلوب ليس فقط آلية تمويلها بل مراجعة أهدافها وتنظيمها وسياساتها. لك أن تتخيل أن المؤسسات المعنية بالديمقراطية رئيسها لم يتغير منذ اندلاع الثورة العربية، والمؤسسات الدينية بدل أن تكون مثالا يقتدى بالزهد والتقوى نجد العاملين عليها أشد الناس تبذيرا وإسرافا وثراء، والمؤسسات المعنية بالدفاع عن الحريات نجد أن بعض أصحابها لا يستطيعون أن يدافعوا عن أنفسهم أمام زوجاتهم !!
بعض تلك المؤسسات كأنها مسجلة باسم صاحبها في دائرة الاراضي، فطالما هي لخدمة المجتمع لماذا لايمنع مثلا من تولي الرئيس فيها لأكثر من أربع سنوات، ولماذا لاتكون موازناتها تخضع لتدقيق مؤسسات رقابية، والأهم المراجعة الدورية لسياساتها وماذا قدمت لخدمة المجتمع!
من يصدق أنه حتى (المقدوس) في بلدنا أصبح يتلقى تمويلا أجنبيا. عليكم بهم؟!