المحامي فيصل البطاينه يكتب : الفساد في الرؤوس
أخبار البلد - بداية في دولة كدولتنا لها دستورها الذي نباهي به غيرنا يتحمل المسؤولية الاولى والأخيرة صاحب الولاية العامة في تسيير شؤون الدولة والذي هو مجلس الوزراء الذي لا تعفيه من المسائلة أوامر جلالة الملك الشفوية والخطية وكان المشرع الاردني منذ القدم كان يتوقع ان يتذرع بعض المسؤولين للتغطية على جرائمهم بعبارة ((توجيهات من فوق)) او أوامر عليا لذا كان من الاسباب الموجبة لوضع هذه المادة الدستورية الخوف من لتمترس الفاسدين خلف الرغبات العليا فجاء النص الدستوري الذي لا يحتمل التأويل والاجتهاد بهذه الصراحة التي خلت منها معظم الدساتير بدول العالم .
وعودة للموضوع وعلى أساس ما يدور حولنا لدى الاعداء والاشقاء وحين نرى ان رئيس الكيان الصهيوني يزج به في السجن بقضية تحرش جنسي و وزير الخارجية الصهيوني يطلب بالأمس للتحقيق بقضية غسيل أموال مثلما نرى أن رئيس أكبر دولة عربية يوضع في السجن هو وزوجته واولاده وأركان حكومته وحزبه لتورطهم بقضايا فساد رغم كبر سنه و تردي وضعه الصحي لا أدري ماذا ينتظر اصحاب المسؤولية ليمارسوا مهامهم في ملاحقة الفاسدين مثلما لا ادري ما هو سر التباطؤ في مكافحة الفساد الذي أستشرى في بلادنا على يد معظم رؤساء الحكومات بهذا القرن على يد محاسبيهم واولادهم وانسبائهم وقسم من وزرائهم ولا ادري ما هو المانع من أن تفتح ملفات الفساد جميعها وبحق من تاجر بالنفط والناقلات النفطية بعهد الحكومات التي تلت حكومة عبد الرؤوف الروابدة والذين يقيلوا المنابر والشاشات الفضائية ليتحدثوا عن معظم القضايا ويتجاوزوا قضية النفط وبيع الناقلات النفطية وأراضي العقبة ويدافعوا عن مواضيع لم يسألوا عنها ليجيبوا بأن أمين عام الديوان الملكي طلب منهم ان يسجلوا أراضي بأسم جلالة الملك وهم يعرفوا حق المعرفة ان الملك اذا طلب منهم أمور غير قانونية وقاموا بها فإنهم يسألون ويخضعون للمسائلة حسب نص الدستور الذي اقسموا على المحافظة عليه عدة مرات.
وعودة للموضوع باعتقادي ان موضوع تغيير الوزارات في بلادنا لم يتم عفوياً وانما كان نتيجة لضيق جلالة الملك بهم ذرعاً بما يصل الى اسماعه عن جرائم بعضهم أو بعض من وزرائهم فيستبدلهم بغيرهم ولكن ذلك عند معظمهم اصبح الشعار لا حياة لمن تنادي . سنة 1994 كانت مديونية الاردن الداخلية والخارجية لا تتجاوز (ثلاثة مليارات) وكانت لدينا مؤسساتنا التي تديرها الدولة ولم نكن نعرف الخصخصة أما اليوم وبعد ان بيعت معظم مؤسسات الدولة للشريك الاستراتيجي او للقطاع الخاص تتقاضى الكوميشينات فقد اصبحت مديونيتنا الداخلية والخارجية تتجاوز العشرين مليار .
منذ عشر سنوات تقريباً لم تشهد الساحة الاردنية سوى قضية فساد يتجه كأن رأسها مدير المخابرات الاسبق أيضاً وكأن المسؤولين آنذاك لم يرتدعوا فجائت بعدها قضية النفط التي ساهم بها مدير المخابرات الاسبق واشترك معه بالنهاية رؤساء حكومات وموظفين بالديوان اصبحوا رؤساء حكومات ولم يحاكموا بل طويت الملفات على قاعدة عفاالله عما مضى . وتوالت قضايا الفساد في العقبة وفي الملكية وفي شركات الاتصالات وامانة عمان التي انقلبت من دائنة يعشرات الملايين الى مدينة بمئات الملايين ولسكن كريم الذي تولى مسؤوليته جعله كريم عدد من الفاسدين لحساب الكوميشينات مع شركة موارد التي احيلت خالية من بعض الأسماء والرتب الرنانة التي وقعت على مستندات صرف الملايين التي هدرت من مال الشعب.
وخلاصة القول اقولها دون خوف او وجل وبتحدي ضمن القانون كان يتوجب مسائلة رؤساء الحكومات منذ عشر سنوات تقريباً مسائلتهم مع مسائلة بعض وزرائهم المختصين الذين لا زالوا يمارسون الفساد بشتى صوره والذين يطالبون على الدوام بأن لا تجلدوا الوطن ولا تطفشوا الاستثمار والمستثمرين وذلك لا خوفاً على الوطن بل خوفاً على سد أبواب الرزق والارتزاق لهم ولأولادهم .
وخلاصة القول ان مكافحة الفساد وملاحقة الفاسدين واجب شرعي ووطني له اولويته على كل خزعبلات الاصلاح السياسي وغيره وما يعيد الأمل لمستقبل أفضل هو تحرك جلالة الملك ووضع يده على الجرح الذي ينزف في هذا الوطن ذاك التحرك الذي أبتدأ بكتاب التكليف السامي لهذه الحكومة مثلما اتبعه بزيارة جلالته الى هيئة مكافحة الفساد التي يرأسها جندي أردني عرف بأستقامته ونزاهته بالوقت التي اصبحت به الدوائر الأمنية بأيدي أمينة أكثر من اي وقت مضى .
حمى الله الاردن والاردنيين قيادةً وشعباً والخزي والعار لكل فاسد مهما كان موقعه ومن كان يسنده .