شلاليت آذار.. ومحاكمة نيسان

لم يكن شباب 24 آذار يعلم أن تصدّيهم للشلاليت (جمع شلوت) وتجنبهم للهراوات واللكمات المتتالية التي انهالت عليهم يوم الجمعة مع حجارة وعصي البلطجية ستكون تهما أساسية لهم تدخلهم السجن، أو على أقل تقدير من أجل لي ذراعهم ورسالة لمن يهمه الأمر مفادها كفاية دلع فقد نفذ الصبر في زمن الولع والهلع؟ وارتفعت أسعار العصير، وجفت ينابيع المياه العذبة غير الملونة، والعود أحمد؟.

 

(87) متهما أو بمعنى آخر مضروبا ومصابا وصارخا متألما من شدة ما ضُرب ذلك اليوم! تم إحالتهم لمحكمة الجنايات الكبرى بتهمة مقاومة رجال الأمن؟ وهي تهمة من غير شك ستدخلهم السجن لفترة من الزمن إذا ما استمرت محاكمتهم.

 

بصراحة هي خطوة غريبة، وبالتأكيد غير بريئة من الحكومة التي بدأت مرحلة الهجوم المضاد من مبدأ خير وسيلة للدفاع هي الهجوم، فبعد سلسلة طويلة من المسيرات والاعتصامات والإضرابات الهادئة التي عمّت كل الأردن سواء تلك المطالبة بالإصلاحات السياسية ومحاربة الفساد أو تلك التي تعبر عن حالات مأزومة تخص شرائح معينة في المجتمع ولا تخرج عن كونها تراكمات لظلم متأصل، أو فساد متجذر، لا يبتعد في النهاية عن كونه تفرع عن الحالة العامة التي تعيشها البلاد من غياب حقيقي للإصلاح السياسي، أو انعدام العدالة الاجتماعية مع التغوّل الكبير لمؤسسة الفساد.

 

الخطوة التي قامت بها الحكومة بالتأكيد غير موفقة، ولن تخدم في الدرجة الأولى إلا فئة الشد العكسي الرافضة والخائفة من المطالبات المتكررة بمحاربة رموز الفساد وفتح جميع ملفاته، هؤلاء الرموز الذين لا يعنيهم لا أمن الأردن ولا نظامه بقدر ما يعنيهم أن تبقى رؤوسهم بعيدة عن الحساب...

 

مللنا الشعارات ومللنا أكثر التصريحات، وما عدنا نصدق ما يقال صباحا ومساءً وفي كل المناسبات، فكيف نصدق ونحن لا نرى على أرض الواقع إلا العكس تماما... شاهين في أوروبا يتمتع ويتنعم بفساده... وشاهين واحد من كثيرين موجودين بين ظهرانينا متورطين أكثر منه بالفساد، وما زالوا ينعمون بالراحة والأمان... بينما شباب الأردن الغيور الذين ما دفعهم لا عدو ولا مأجور.. وإنما غيرتهم ووطنيتهم الصادقة التي تعادل في صدقها البريء ضخامة شعارات كل رموز الفساد الكاذبة... هؤلاء الشباب الذين ضحوا من أجل أردن أفضل وغد ومستقبل مشرق لبلادهم نراهم اليوم يعاقبون ويحالون بتهمة الصراخ وصد اللكمات والهراوات... حتى هذه تهمة يا حكومة، أسمع كلامك أصدق... أشوف أفعالك... أفكر أكثر.