بلاد العرب هل باتت وهنُ ومطيّة
إثنان وعشرون قطرا كل بلد له حدود وراية وتحرسه بندقيّة وتتغنّى كل قيادة لذلك البلد بأنّه وطن وهويّة إشارة لإنتماء مواطنيه لراية ذلك البلد وهويّته القوميّة اليعربيّة وهذا ما نسمعه في عشرات المحطات الإذاعيّة وعشرات القنوات التلفزيونيّة في القطاعين الخاص والعام وهم ينثرون ذلك شعرا وغناء وإعلاما وإعلانا .
وعلى ارض الواقع نرى شعوبا إعتراها الوهن والجوع وقيادات متقتلة أثقلتها الديون والإلتزامات والإرتباطات والوعود والمعاهدات ونرى اوطانا تمزّقت حدودها ونُكِّست راياتها ودمِّرت قدراتها وباتت مطية للغير من الركّاب المحترمين وغيرالمحترمين.
ذلك هو حالنا وتلك هي مصيبتنا وقدرنا ان نقتل انفسنا بايدينا وان نضيع الهويّة بايدينا وان نطخِّي لنكون مطيّة للغير بايدينا وان تتوه بوصلتنا بايدينا وان نغرق في بحر الظلمات بايدينا فتبّت ايدينا قبل يدي ابو لهب كم ارتكبت من آثام وذنوب بحقِّنا .
قد نكون لا نستحقُّ الحياة لكنّ الله وهبنا إيّاها ولم نحافظ على معناها والمغزى منها , ولم نصن كرامتها ولم نحضِّر لمماتنا ومستقبل اجيالنا ولم نعمل من اجل تنمية مستدامة او من اجل موت بإستقامة .
حاول كل منّا ان يصعد السلّم بسرعة بل هرولة لكن قبل ان يصل القمّة سقطنا سقوطا فظيعا فعدنا الى عصر الجاهليّة .
كلُّ يجري لغايته طفلا كان لا يدري ما ينتظره ام مراهقا يظنُ ان خالص متعته في سنوات شبابه الأولى , إمرأة كانت همُّها تربية ابنائها ام رجلا همُّه تحصيل قوت أسرته ام زيادة ما يكتنز من فلوس وعينه على درجات ارفع في عمله .
وهكذا فالكل يركض بلا انتظار لما يريد والحقُّ ان الجميع يركض لنهايته حيث ان الله حدّد الرزق لكل نفس وبأيِّ ارض تموت ولكنّنا نحن العرب نجري وراء سراب ولذلك قالوا القناعة كنز لا يفنى فقد قال رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: َ (انظروا إلى من هو أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فإنه أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم )وعَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ( لَيْسَ الْغِنَى عَنْ كَثْرَةِ الْعَرَضِ، وَلَكِنَّ الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ ) .
وهكذا ابتدع المسؤولون مقولة ان البلد وطن وهويّة وكأنّ أحدا يشكِّك بالتاريخ او بوطنيّة المواطن وحبُّه لبلده أو بأحقيّة انتسابه لبلده أو بصحّة حمله لجنسيّتها وحسن المواطنة يتأتّى من خلال إلتزام المواطن بقوانين الدولة ودساتيرها بإعتبار انّها دولة قوانين ومؤسّسات والإلتزام بآداب المواطنة وعادات المواطنين والمحافظة على منجزات البلد ومكاسبه وثرواته وتراثه لكي يكون مواطنا صالحا يؤدّي واجباته خير قيام ويتمتّع بحقوقه بعدالة ومساواة .
وتسييس مقولة ان البلد وطن وهويّة ليس سوى شعار يملأ فراغا في الخطابات والبيانات والمهرجانات والأولى ان يقال ان بلدنا وطن عمل وإنتاجيّة لأنّ ما يميِّز المواطنين عن بعضهم هو حسن إدائهم لعملهم ومقدار انتاجيّتهم بما يفيد الوطن والمواطنين من ذلك العمل والإنتاج .
فالوطن ثابت ومستمرُّ بمن عاش به من مواطنين وليس بحاجة لمن يزايد عليه والهويّة لا تطعم خبزا لجوعان ولا توفِّر عملا لعاطل عن العمل .
ويجب ان لا نقبل ان يكسوا الترهُّل بلداننا العربيّة ولا ان يعتريها الوهن بحيث يستغلُّها الأعداء والدول الكبرى ويجعلوها مطيّة لهم يتقاسموها كما يتفقون ويشاؤون .
احمد محمود سعيد
18 / 10 / 2015