هل تم الأمر بتوجيهات من الرئيس ؟!


تمنيت لو أسرع وأجاب على «مسجي»، اعني وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال الدكتور محمد المومني، وذلك قبل شروعي بكتابة المقالة، كما فعل الأستاذ محمد الطراونة مدير مؤسسة الإذاعة والتلفزيون، الذي قال : «لا توجيهات من رئاسة الحكومة لمؤسسة الإذاعة والتلفزيون بهذا الخصوص، لقد تعاملنا مع خبر وفاة عقيلة رئيس الوزراء رحمها الله كما نتعامل مع وفاة أي مواطن وانتقاله الى رحمة الله».. فأجبته: هو موقف إيجابي من المؤسسة ونزاهة مطلوبة... رحم الله «أم زهير» وعظم الله أجر الدكتور عبدالله النسور وآجر ذويها، وإنا لله وإنا إليه راجعون. النزاهة والشفافية واحترام الوظيفة العامة، من أهم الأهداف التي تتوخى منظومة النزاهة تحقيقها، وهذه حقيقة ديمقراطية مطلوبة، وهي «ضالة» الديمقراطيات جميعا، خصوصا في بلد يتماثل الى الديمقراطية الكاملة، ومثل هذه الحقيقة لن نجدها مكتوبة في تقرير ديوان المحاسبة، الذي لا يقوى على «عتله» مواطن متواضع اللياقة الديمقراطية، فهو تقرير ضخم يصدر سنويا، ويحتاج مني أو من غيري لعامين تقريبا لقراءته، أما التحقق من كل ما فيه من معلومات، فهو ضرب من المستحيل بالنظر الى طبيعة الانشغالات التي تواجه الناس في القرن 21 . تحدثنا عن منظومة النزاهة الوطنية، و»جبنا سيرة» ديوان المحاسبة، ولن «الف وأدور» حول الموضوع، بل سأطوف هنا، وأحلّق قليلا على قصة نقل رئيس ديوان المحاسبة الى ديوان المظالم، ونقل رئيس هيئة مكافحة الفساد الى ديوان المحاسبة، في الواقع أرغب بالتحدث عن هجوم بعضهم على قرار مجلس الوزراء : مع كل الاحترام لآراء الناس، تعجبني استراتيجية أمنية يقوم بها جهاز الأمن وربما كل الأجهزة الأمنية، وهي متعلقة بالنزاهة والشفافية والحياد، وعدم استغلال الوظيفة العامة، حيث تحرص مديريات الأمن العام وإدارة الجهاز على إجراء تنقلات بين ضباطها وأفرادها، وتغيير مستمر لمواقعهم ومناطق عملهم، حرصا منهم على عدم انخراط هؤلاء الجنود – رغم نزاهتهم - في علاقات خاصة مع المجتمعات المحلية، مما يكون له الأثر على أدائهم وحياديتهم، فكلنا نعلم بأننا نعيش في مجتمع أردني يتمتع بمنظومة أخلاق وقيم راقية، وتؤثر فيه العلاقات الاجتماعية.. واحتراما لهذه الحقيقة وللعمل الأمني المحايد المقدس، يقوم جهاز الأمن العام باتباع هذه الاستراتيجية النزيهة.. حين تسأل أحد «المنقولين» يقول: أنا جندي وابن دولة، ومستعد للتنفيذ الواجب في أي مكان خدمة للدولة. أؤكد لكم بأن الدكتور البراري قال العبارة نفسها، على الرغم من «الغمز» الصريح، بأنه لا يقبل النقل ولا يريده وسوف يحاول كل شيء ليستعيده «أعني مقعده في ديوان المحاسبة».. قبل شهر تقريبا، التقيت بالدكتور البراري، فاكتشفت بأنه مضى على وجوده هناك أكثر من عقد من الزمان، وبصراحة قلت في نفسي «ما خذها مقاولة»، وتذكرت استراتيجية الأمن العام، ولم يسمح الوقت للتحدث معه بهذا الشأن، لكنني تحدثت مع صديقه لينقل له على الفور تساؤلي عن مكوثه كل هذه المدة كرئيس لديوان المحاسبة، ولو كنت مكانه «لا سمح الله»، لطلبت النقل بعد مدة لا تتجاوز 4 سنوات، لأقول للاعلام وللسياسيين وللمعارضات وللفاسدين والحاقدين، بأنني نزيه، ومتطلبات النزاهة تحتم علي أن أقول هذه مؤسسة رقابية وليس من قبيل النزاهة أن يمكث المسؤول عنها كل هذه المدة في إدارتها، فنحن في بلد ديمقراطي تحكمه مؤسسات، ولا يمكن أن يتم تسجيل أية مؤسسة باسم مسؤول الى الأبد.. لا نشكك بنزاهة وشفافية الدكتور البراري، ولا في حياديته، لكننا في الوقت نفسه نشير الى أكثر من 10 سنوات مرت عليه، وهو يكتب لنا تقارير سنوية لا نقرأها، ولا نجد فيها مثيرا يتماهى أو يتماشى مع صخب الحديث عن التجاوزات.. وما البراري الا جندي من جنود الوطن، وإن انتقل أو استقال فلا يعني هذا أن الوطن استقال او تعطلت أعمال البناء والنزاهة فيه. لم يرد وزير الدولة حتى الآن على المسج، ولن أغير في المقالة حتى وإن رد الوزير، فالمقالة «طلق وطلع» مع التزامي بعدم اطلاق العيارات والعبارات النارية في أية مناسبة «سوى الحرب أو الغزو».