حرية الاستعباد!

حين يقول نتنياهو: نحن نحافظ على حرية العبادة في الأماكن المقدسة، فإنه يعني حرية دخول اليهود إلى المسجد الأقصى والصلاة فيه. وهذا الكلام يجب عدم قبوله، أو يجد الرد عليه بصلاة المسلمين عند الحائط الغربي للحرم.. وهو ما يسميه نتنياهو بحائط المبكى.
لا يمكن في نظام «الابارت هايت» الصهيوني أن تكون هناك مساواة: لا في النظام السياسي، ولا في الاقتصاد، ولا في الدين، ولا يمكن أن تكون هناك مساواة عادلة، أو حسابات أخلاقية.
في نظام بريتوريا العنصري بجنوب إفريقيا كانت هناك ديمقراطية لكن للبيض الأوروبيين، أما العشرون مليوناً من الإفريقيين فإنهم – كما كانوا يقولون – لهم حياتهم، ومعازلهم، وطريقة سكنهم، وعملهم ولغتهم. فهذا – كما كانوا يقولون – مجتمع حر، يمكن أن تختار فيه المجموعات البشرية طريقة حياتها.
.. وانهار نظام الابارت هايت، لكن أفارقة الجنوب وقياداتهم اختاروا الديمقراطية الحقيقية، والمجتمع الحر، والدولة الموحدة المصالح والمصير. وكان أهم وأخطر إنجاز هو: الاعتراف والمصالحة. فالدولة الجديدة لا تسامح العنصرية إلاّ بالاعتراف بالجرائم، وطلب المصالحة والمغفرة من قبل الكيان العنصري المؤود وقادته.
وفي فلسطين هناك ديمقراطية اسمها الديمقراطية الإسرائيلية، لكن العرب لهم حدودهم في هذه الديمقراطية. ولهم حريتهم، ولهم اقتصادهم، ولهم تعليمهم. لكن ليس لهم مسجدهم المبني منذ خمسة عشر قرناً. وليست لهم أرضهم، ولا ثقافتهم، ولا تواصلهم حتى مع أنفسهم على الطرف الآخر من الجدار الذي يسمونه: الخط الأخضر.
والآن، والشعب الفلسطيني يحتج من البحر إلى النهر. ابتدع نتنياهو شيئاً اسمه: الإرهاب الشعبي. وهذا الإرهاب يقوم على حجر، وسكين في يد طفل، ونتنياهو «يقاتل حتى الموت» بكل ما انتجت مصانع الدمار والحروب. لكنه يقتل أطفال فلسطين ويذهب إلى الكنيست لاصدار قانون يعاقب أطفال الفلسطينيين.. وبكل ديمقراطية ممكنة.
وكما يحب الصهاينة أسطورة داود الطفل الذي انتصر على جوليات الجبار بحجر. فإن الفلسطيني له داوده في مواجهة جوليات الإسرائيلي. وله حجره وسكينه.. فإذا كان «الميليخ» داود إرهابياً، فإن الصبي الفلسطيني إرهابي.
لا يستطيع نتنياهو في زمن الإرهاب، أن يندس مع الضحية السوري أو العراقي أو الليبي أو اليمني.. ويلبس جلد الحمل الوديع ويقتل الأطفال. فنتنياهو ونظامه لا يمكن أن يكون جزءاً من هذه المنطقة.. حتى حين تصبح.. منطقة إرهاب.