في ظلال مطاب سيدنا الخطوات السبع


يسترعي الانتباه العالي وقفات عاطرة في خطاب سيدنا ضمن اعمال الدورة السبعين للجمعية العامة للامم المتحدة ، اذ جاء الخطاب بليغا مرتجلا ينم عن فهم وقناعة تخرج من طيب قلب واع لتصل الى قلب واع ، وتعيها اذن صاغية ، بينما كان بعض الرؤساء بالمقارنة مع وقفة سيدنا الرائعة ، يغصّون في كلماتهم في حلوقهم ، ولا تكاد تخرج من افواههم ولا تتجاوز اذانهم ، بل لا يتقنون القراءة عن اوراق كتبت لهم ، بينما كان بوتين الرئيس الذي اعشق شخصيته مقلّا في الحديث ، لم يقدم رؤيته بوضوح ، وقد عرفت سياساته بقول شيء وفعل شيء اخر مناقض ، كما يفعل الامريكيون في سياستهم .

استغرب ان البعض ممن استمع الى خطاب سيدنا من رجال مؤسسات السلطات الثلاث ومؤسسات المجتمع المدني عندنا ان لا يعنيهم الخطاب وهدم ذهابهم الى ترجمته عمليا وكان الكلام بروتوكولي ، جاء ليتوشح ضمن اعمال الدورة السبعين فقط ، وليحفظ بعدها في الملفات ، رغم اهميته القصوى والبالغة ، كما واستعرب ان تستمع مؤسسات السلطات الثلاث وتتوقف كان شيئا من الكلام لا يعنيها ، ولا تبدا بترجمة الاقوال الى افعال بناء على رغبة من لدن سيدنا ؟!
ويعتبر الخطاب بمثابة دعوة ليتحمل الجميع مسؤولياته في مكافحة الارهاب والتصدي للأفكار المتطرفة والخارجين عن الاسلام ، وهي ايضا دعوة لمشاركة الجميع في مكافحة الارهاب والتطرف ، وخاصة اننا جميعا نقع في اتون خطر التطرف المتزايد وقوى عديدة مستفيدة تموله وترعاه .
ان الخطوات السبع التي اوردها سيدنا تاتي لتكون ترجمة منهجية عملية للوقوف ممانعة لمكافحة التطرف والارهاب ، كما وانها دعوة لكل واع للانخراط الفعلي في التصدي للأفكار المتطرفة وتعظيم القواسم المشتركة بين جميع الأديان ، وهي خطوة تبني على قواعد جديدة في بناء فهم صحيح للاسلام ودعوة النبي صلى الله عليه وبارك ، والعودة الى اصل الدعوة ، بعيدا عما حرفته العقول البائسة ، وهي في اصولها جاءت بالمحبة التي لا تاتي بالاكراه وقطع الرؤوس واراقة الدماء ، ومن هنا جاءت مشاركة سيدنا في مسيرة شارل ابيدو ، ليس تاييدا لنهجها في تجسيد النبي صلى الله عليه وبارك ، وانما احتجاجا على اسلوب الارهاب والعنف والقتل الذي لم يكن يوما الا دعوة للحب والرحمة كما يرى باحث اسلامي في مراجعاته الجريئة .
ثم بدا الكلام واضحا في حديث سيدنا : " دعونا نعود إلى الأصول، إلى الجوهر والروح المشتركة بين الأديان وبين معتقداتنا ، دعونا نغير لهجة خطابنا. فخلال إحدى جولاتي أخيرا، لاحظت لافتة على جانب الطريق تقول: "خافوا الله”. وعلى بعد أميال قليلة، لافتة أخرى بنفس العبارة، ثم أخرى مماثلة، ثم رابعة، أما الأخيرة فكانت تقول: "أو الجحيم هو المأوى”. وتساءلت: متى وكيف تسلل الترهيب إلى خطابنا بدلا من محبة الله ؟ " ، وهنا نقول كيف يجتمع فيمن يدعو الى الله الرحمة اذا كان يدعو الى خوف الله والجحيم هي الماوى ، ولم تخويف الناس وتنفيرهم لا تبشيرهم ، وقد سبقت الرحمة الغضب .
ندعو الوزارات التنفيذية العمل ترجمة عملية للخطاب ، فالمطلوب من وزارة التربية ان تطبع الخطاب ويوزع كمنهج على الجيل ، وان يجري دعوة الطلبة الى الدراسة والبحث ، ومناقشتها في الكلمات الصباحية والواجبات المدرسية وما الى ذلك ، كما ان المطلوب من وزارة الاوقاف اعتمادها وتدريسها في الخطب ، وعقد ندوات تنويريه للائمة والوعاظ ، ودفع الباحثين في جوائز لنقض منظري التيارات التكفيرية والمتطرفة ، ثم لا بد من التركيز على اصحاب منهاج جريء ، ومنهم باحث عربي عاد الى الاصول وبين ان اساس الدعوة الرحمة وحرية المعتقد ، ولا مجال للاكراه والجبر وتنصيب الناس من انفسهم حاكمين بامر الله على رقاب العباد ، لان دعوة النبي في اساسها تشريفية لا تكليفية او ليست هي شقاء للنبي اذ ما على الرسول سوى البلاغ ، بينما تكفل صاحب الرسالة بالهداية والعقاب في الاخرة لا في الدنيا .
ويرى باحث ان الله تكفل بدعم الرسالة واقامتها واظهارها دون الحاجة الى دعم بشري مادي ، لان قوة الدعوة تكمن فيها وليس في قوة حكومة او دولة لدعمها ، وان كيفية الدعوة محددة بالبلاغ فقط ولا خروج عنها ، وان التقصير او الامتناع عن الاتباع تكون المحاسبة عليه في الاخرة وان شاء عجل ولا وكيل على حكمه