الهاشميين في ( نهجنا الإنساني ) ..!!
نتحدث عن النهج الجامع الذي من شأنه أن يجمع الكل تحت سقف الإنسانية والأمن الإنساني ، متجاوزين كل ما من شأنه أن يصنفنا أو يميزنا عن أناهم المحترمة والمقدسة في تقديرنا الإنساني الجامع ، ومترفعين عن الظنون والحسابات الضيقة ، والتحيز على أشكاله المتعددة والمتنوعة سواء المذهبي أو الطائفي أو العشائري أو الحزبي أو غيره الكثير ، واضعين نصب أعيننا هذا النهج كمحرك لسلوكنا الإنساني العام الفردي والجماعي ، وكمنطلق وغاية لبناء مجتمع إنساني مترابط محلي ومن ثم إقليمي وعالمي ، مؤمنين بما نسميه ( الوطنية الإنسانية الجامعة ) الضامن والأساس للتعايش والتقارب بالرغم من كل المفرقات .
وكإنسانيين نفخر ونعتز ونحن نتلمس إيمان الهاشميين الراسخ في نهجنا الإنساني فكراً وقولاً وفعلاً ، سيما وأن تجاهل هذا النهج وتخطيه مدعاة للقلق لا بل العلاج والتصالح مع النفس والآخر ، ما يعني أن ترك هذا النهج بحد ذاته يعتبر مرض مزمن فتاك يحتاج إلى علاج قبل السقوط وإسقاط الآخرين في بوتقة العمى والظلام الدامس ، ومثل هذه المقالة تأتي كإطلالة سريعة ومختصرة جداً لفكرة الهاشميين في نهجنا الإنساني ، لبلورة الجوهرية التي يمكن أن نرتشفها من خلال هذه الشخصيات الهاشمية التي أمنت ومنذ قيام المملكة بضرورة وجود مقاربة إنسانية من خلال نهج يقيم جودة التفاعل الثابت بين المستوى الوطني والمستوى الدولي وما بينهما ، وقد ربطنا في هيئتنا الجليلة السلوك الإنساني الهاشمي السلمي بالأحداث الراهنة وطرق حلها ، ووجدنا أن الهاشميين دون محاباة ـ ركيزة إنسانية للسلم والأمن العالميين ـ لكونهم الحامل السلمي للنهوض والتعاون بين الدول ، وفي تقديرنا أن مثل هذا الطرح يعطي معنى جلياً لوعي الأردنيين الإنسانيين بخطورة المرحلة التي نعيش ، وإيمانهم المتفرد بالقيادة الهاشمية وقدرتها الاستثنائية على استيعاب متطلبات المرحلة في ظل التحول العالمي إلى التعددية القطبية ، واحتياجات الأردن والدول العربية والإسلامية وعموم الإقليم الشرق أوسطي .
ودعوني في هذا المقام أقول للمواطن الأردني : أنت ثري جداً بهذه القيادة الإنسانية التي أزدهر وجدانها حباً للمواطن ووفاء للأردن والإنسانية جمعاء ، وحين نقول الأردن فإننا نتحدث عن الوطن الجامع ( المجمع الإنساني الأعظم ) ورقيه وتطوره على المستوى الدولي .
ولكل متربص بنا نقول : إن المنجز الأمني الأردني المدهش لم يكن ليتحقق في خضم هذا الطوفان من الإرهاب لولا ذلك التلاحم بين القيادة الإنسانية والشعب المؤمن بها ، وها هو الملك الأردني المحبوب يجوب الأرض ليجني درر النجاح ، ويثبت أسم ووجود الأردن على الخرائط الجديدة والمتجددة إقليمياً وعالمياً ، في عالم متغير ومتطور وملتهب ، عسكرياً واقتصاديا واجتماعيا وثقافياً ، إنه الإيمان بالنهج الإنساني ..!
ولو توقفنا قليلاً عند الملك المؤسس لعرفنا أن الإيمان بالنهج الإنساني كان مبكراً ومنذ قيام الدولة الأردنية ، وقد جاء الملك المؤسس إلى الأردن مجاهداً ، وغادر الدنيا شهيداً ، وكان طيب الله ثراه قد خطب بالأردنيين عند قدومه من معان الأبية إلى عمان النقية ، حيث قال : ( فأعلموا أنه ما جاء بي إلا حميتي وما تحمله والدي من العبء الثقيل ، فأنا أدرك الواجب علي ، ولو كان لي سبعون نفساً لبذلتها في سبيل الأمة ولما عددت نفسي فعلت شيئاً ، كونوا على ثقة بأننا نبذل النفوس والأموال في سبيل الوطن ) ، وقضى جلالة الملك عبد الله المؤسس شهيداً على أرض القدس التي حفظها وافتداها في العشرين من تموز 1951 ، يوم كان ذاهباً لأداء صلاة الجمعة التي كان يحرص على أدائها في المسجد الأقصى ، وكان برفقته حفيده الشاب آنذاك جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه ، والذي قال على أثرها : ( اليوم تساوت عندي قيم الحياة والموت ) رحم الله الشهداء الهاشميين في محراب الإنسانية .
وقد حدثني عمي ممدوح سالم محمد المبيضين ، والذي كان القارئ الخاص للقرآن الكريم للملك المؤسس طيب الله ثراه، وكان يرافقه كظله أينما ذهب.
وقد قال لي عمي عن استشهاد جلالة الملك المؤسس ما يلي : أستيقظ المغفور له نشيطاً في صباح ذلك اليوم . وقال لي أي : لعمي : اشعر يا ولدي أنني سعيد جداً ، فهذا الصباح جميل ، وأتمنى أن اللقاء الله بهذه السعادة التي تغمرني في هذه الساعة ، فهل سيقدر لي الله الشهادة وبرصاصة في رأسي ؟!!
فرد عمي : يا مولاي ربنا يحفظك ويديم عليك السعادة ويمد في عمرك ، الوطن بحاجتك ، والأمة بحاجتك وأمامك الكثير لكي تفعله يا مولاي ، وحين سار الموكب إلى القدس لم يكن الأمير الحسين آنذاك مرتدياً الزى العسكري ، فأمر الملك المؤسس أن يعود الأمير الحسين ، ويعود برفقته ممدوح المبيضين لكي يرتدي الزى العسكري ، وسبحان الله كانت هذه العودة قد كتبت للراحل العظيم الحسين أبن طلال طيب الله ثراه العمر ، حيث ارتدى الزى العسكري ، وأقترح عليه عمي ممدوح أن يضع وسام على صدره ، وقدر الله أن حماه هذا الوسام من رصاصة الغدر ، أقول لذلك ليعرف القاصي والداني أن النهج الإنساني الهاشمي لم يكن يوماً بعيداً عن القدس والمسجد الأقصى ، وأقوله اليوم تحديداً وإسرائيل تستمر في غيها وطغيانها، تجاه المقدسات والشعب الفلسطيني الأعزل .
واليوم ونحن نتأمل خطاب جلالة الملك عبد الله الثاني أبن الحسين المعظم في مقر الجمعية العامة للأمم المتحدة ، هل نجد غير النهج الإنساني ؟! وماذا تسمون بالله عليكم الدعوة للأصول والجوامع بين الأديان والقيم المشتركة ؟! وكذلك تغير لهجة خطابنا في كل مكان ، وترجمة المعتقدات إلى سلوك وأفعال ، و تعزيز صوت الاعتدال والوسطية ومنحه المكانة التي تليق به ، وتعرية الزيف والخداع لهذه الجماعات المتوحشة بلبوس الدين وبيان حقيقة محركها و دوافعها نحو السلطة والمال والعقار، و الحرب العالمية اليوم بين جبهة الاعتدال وجبهة التطرف وليست بين الأديان والمجتمعات ، و تعزيز مفهوم ( انترنت الإنسانية ) في التواصل الذي يوحد الضمائر الإنسانية ويجمعها على هدف وقضية واحدة .
نعم قضية واحدة ، والتي تتمثل في مواجهة الفكر الإرهابي المتطرف ، وإذا لم نمتلك نهج إنساني كيف لنا أن نبين للعالم أجمع قيم الإسلام السامية، وقد حقق الإسلام ما لم تحققه المعتقدات الأصلية لغالبية شعوب الأرض ، وما التقدم الذي تشهده البشرية اليوم إلا من بذور الإسلام ، أما ما ترونه من خوارج هذا العصر فما هو إلا تاريخاً مندثراً وزمناً غابراً وثقافة مدفونة في العقول المأفونة . خادم الإنسانية . مؤسس هيئة الدعوة الإنسانية والأمن الإنساني على المستوى العالمي