منبوذ.. شاتم "الأقصى"

حتى رئيس وزراء كيان الاحتلال بنيامين نتنياهو، بكل وقاحته ودمويته، لم يجرؤ على شتم المسجد الأقصى. فكيف يجرؤ أردني من أبناء جلدتنا على إتيان هذا الفعل المشين والمخجل؟! كيف استطاع أن ينطق بشتيمة "الأقصى"؟! أين كان عقله؟! الأغلب أنه بلا عقل!
من دون أن أعرفه أقول: إنه مجرم، ليس بلا عقل فحسب، وإنما بلا ضمير أيضا. فالمسجد الأقصى في وجدان الأردنيين جميعاً مقدس، والدفاع عنه لم يكن يوما محلاً للتفكير والتشكيك، ناهيك عن التفاوض. ولذلك، فإن التضحيات لأجله كانت وستبقى بلا حساب.
حتى المحتل الغاصب، ولاسيما من يمثله اليوم حصراً من المتطرفين الإسرائيليين الصهاينة، لم يقدر على ارتكاب هذا الفعل المدان شعبياً قبل الإدانة رسمياً، والذي يخجل من مجرد سماعه كل وطني عروبي، يؤمن أن القدس عربية، وأنها عاصمة فلسطين. مثل هذا المجرم منبوذ، لا مكان له بيننا، يرفضه المجتمع بكل مكوناته.
فمنذ يوم الجمعة الماضي، يكتشف المتابع لردود الأفعال كيف وحّدت جريمة شتم "الأقصى" الأردنيين كافة. والتطاول على المقدسات جرم يحاكم عليه رسميا، تماماً كما صدرت الإدانة شعبيا. وخيرا فعلت الأجهزة الأمنية بالقبض على مرتكب الإهانة بحقنا جميعاً، لأن للأقصى علينا حقا؛ فهو أولى القبلتين وثالث الحرمين. هذا إن بقي صحيحاً أن قدسية "الأقصى" لا تُدنس ولا ينتقص منها مثل هذا الفعل الفردي.
نادراً ما يتوحد الأردنيون بالشكل الذي نراه في كل مرة يكون فيها الحدث مرتبطا بالأقصى والمقدسات في فلسطين، والتي يدنسها اليهود. ولطالما كان الأردن وأهله المدافع الأول عن "الأقصى" والرافض لكل خطط المحتل تجاهه.
المجرم، ربما من دون قصد إنما بما ينمّ عن شديد غباء، سعى إلى نشر الفتنة. لكن الرد جاءه من الجميع، بأن لا هامش ولو بأضيق أضيق الحدود للتلاعب، فحرمة "الأقصى" قضية توحدنا لا تفرقنا، تماماً كما هي حال الأردنيين دوماً في الشدائد.
موقف الأردن الرسمي والشعبي من "الأقصى" معروف، لا مكان إزاءه لمشكك أو مزاود. لكن بعض المرضى الذين لا يخلو منهم مجتمع، وعلى صغرهم، يجدون مكانا يخرجون منه، مثل "الدمل" تماما. ولذلك، فإنهم سيظلون حالات فردية، لا ولن تعبر عن المجتمع.
شاتم "الأقصى" منبوذ، سيبقى موصوما بجرمه الذي سيلاحقه كمرتكب جريمة الخيانة العظمى. فمثله لا يتشرف أحد بالتعامل معه، لتدني خلقه حد بيع ضميره.
ما عساه يقول لموفق السلطي وفراس العجلوني وحابس المجالي ونواف جبر الحمود... وكل شهداء الأردن الذين فدوا فلسطين بأرواحهم، وقدموها ثمنا رخيصا للذود عنها؟! لكن بعد ذلك لا يبقى ما يُقال إلا "إن لم تستحِ، فقل ما شئت، وافعل ما شئت"!
أرواح الشهداء اليوم تلعن من يشتم "الأقصى"، وتذكّرنا بكم قدم الأردن، جيشا وشعبا، وما يزال، من تضحيات لأجل ثرى فلسطين.
من يشتم "الأقصى" ملعون منبوذ؛ فعله محرم دينيا، لأنه يشتم أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، تماماً كما أنه فِعل خيانة وطنية وقومية وأخلاقية، يجب أن لا تأخذنا بمقترفه رأفة ولا رحمة، لأنه يهدم ما نشأ وعينا على تقديسه وتبجيله وتمجيده، حد الشهادة من أجله.
هل يغفر الشهداء الذين ضحوا بدمائهم من أجل "الأقصى" شتيمة المجرم تلك؟ إن غفروا له غفرنا بدورنا، وإلا فلا غفران أبداً!