"مياهنا" سيف على رقابنا
"مياهنا" سيف على رقابنا
قالوا: ادفع ثم اعترض
ضحك، وشر البلية ما يضحك، ثم قال: حسبي الله ونعم الوكيل، الاصل أن تعتذروا لي عن سوء تقديراتكم وتهالك عداداتكم، فقد اسقطتم قلبي من جوفي، وشغلتم بالي واسرتي، وأصبحت فاتورتكم المقدسة شغلنا الشاغل وحديث الجيران والأقارب والأصدقاء والمعارف، فالمبلغ المرقوم في فاتورتكم الغراء أصبح مادة للسخرية والاستهزاء، إذ كيف لواحد مثلي أن يستهلك من مياهكم العذبة ما قيمته الف وسبعماية ونيَّف من الدنانير في دورة واحدة، أين سيذهب بكل هذه الأمتار من المياه؟
يا سادتي، لنترك عداداتكم التي لا تخطئ ابداً والتكنولوجيا المتطورة التي تمتلكونها جانباً ونحتكم إلى العقل والمنطق، انا يا سادتي رجل لا املك إلا راتبي التقاعدي البسيط، أعيش في مبنى قديم بسيط مؤلف من طابقين، مساحة كل طابق مئة متر، الطابق الأول لأخي وهو مؤجر لأسرة من ثلاثة أفراد، وأنا أعيش وأربعة من أفراد اسرتي في الطابق الثاني، أي أن مجموع سكان المبنى هو ثمانية أفراد، في كل طابق حمام واحد لا غير، والمبنى ذاته مقام على قطعة أرض مساحتها اربعماية متر، هنالك على سطح المنزل خزانان سعتهما ثلاثة أمتار من المياه، وفي ما تبقى من الأرض ثمة حفرة امتصاصية طاقتها الاستيعابية خمسة وعشرون مترا، نقوم بتفريغها في تنكات النضح مرة كل شهرين، ذلك لأن شبكة الصرف الصحي لم تصلنا بعد، ليس عندي مزرعة أو حدائق غناء، وليس لدي آبار عميقة أقوم بتخزين المياه فيها، فأين سأذهب بالمياه؟
يا سادتي ... يا مياهنا .. لو انني استهلكت هذه الكمية الهائلة من المياه لأغرقت البيوت من حولي، لكانت المياه قد جرت أنهاراً في طرقات وأزقة هذا الحي الشعبي، واشتكى عليَّ الجيران وأودعوني السجن، أو على الأقل أرسلوا لي جاهة كريمة تطالبني بكف الأذى عنهم بمنع تدفق المياه من حوض الماء الذي أمتلكه.
يا سادتي .. انا اسكن في هذا البيت منذ عام 1980، راجعوا ملفي لديكم، لم يسبق لنا أن استهلكنا من المياه ما قيمته أكثر من مئة دينار على أعلى تقدير، حتى في الأيام التي كنا نستهلك فيها من المياه اكثر من المعتاد من اجل بناء هذا البيت، فكيف لنا أن نستهلك ما قيمته 1750 ديناراً تقريباً في دورة واحدة؟
يا سادتي ... يا مياهنا ... لستم سيفاً مسلطا على رقابنا ... ولسنا غنيمة لكم ولقراراتكم الجائرة ... احتكموا للعقل والمنطق واتقوا الله.