فوائد الدين العام تآكل النمو الاقتصادي

د. فهد الفانك

 

خلال الشهور السبعة الأولى من هذه السنة دفعت الخزينة فوائد على السندات المحلية مبلغ 418 مليون دينار يذهب نصفها للخارج وعلى القروض الأجنبية 5ر89 مليون دينار تذهب كلها للخارج أي ما مجموعه 5ر507 مليون دينار. ومن المنتظر أن تتجاوز الفوائد المدفوعة على الدين العام خلال هذه السنة مليار دينار تعادل 5ر12% من إجمالي النفقات العامة أو 7ر3% من الناتج المحلي الإجمالي، وهي نسب باهظة وتتجه نحو الزيادة عاماً بعد آخر وتنذر بالزيادة إذا تم رفع أسعار الفائدة مع نهاية هذه السنة كما هو متوقع.
هذه الأرقام كبيرة بالنسبة لاقتصاد صغير، وهي لا تشمل تسديد أقساط رأس المال ، وإلا فإن خدمة الدين العام ستكون ثقيلة جداً تنوء بها موازنة عامة تشكو من العجز المزمن واقتصاد وطني يشكو من التباطؤ والركود.
الإدعاء المتداول أن الاقتراض يمّكن الحكومة من زيادة الإنفاق العام الذي بدوره ينـّشط النمو الاقتصادي ويحقق للخزينة زيادة في الإيرادات أكثر من كافية لتغطية تكاليف خدمة الدين!.
هذا الإدعاء لم يثبت عملياً، فالنمو الاقتصادي هذه السنة جاء في الحد الادنى، ولا يكاد يوازي معدل الزيادة في عدد السكان.
وعلى العكس من ذلك فإن تخصيص 7ر3% من الناتج المحلي الإجمالي كفوائد للدائنين منها حوالي 180 مليون دينار للخارج تعني ان معدل النمو الاقتصادي كان سيرتفع بشكل ملموس لولا الفوائد المدفوعة. وإذا كان معدل النمو في النصف الأول من السنة 17ر2% فإنه سيكون أعلى بكثير لولا فوائد الديون.
يتلقى الأردن سنوياً حوالي مليار دينار من المنح العربية والأجنبية، ومعنى ذلك أن الفوائد المدفوعة للدائنين تأكل كل المنح التي تتسلمها الخزينة، ولولا المديونية فإن الحكومة الأردنية كانت تستطيع الاستغناء عن المساعدات الخارجية!.
قلنا وقال غيرنا الكثير في هجاء المديونية وإظهار عيوبها وأخطارها والتحذير من عواقبها ولكن الحكومات المتعاقبة ظلت تسحب على القروض المحلية والأجنبية لمجرد تأجيل مواجهة المشكلة ولو على حساب تضخيمها، ذلك أن الاقتراض يمدد عمر الحكومة ويمكنها من الاستمرار طالما أن الأزمة ستقع في المستقبل أي في عهد حكومة أخرى. الاقتراض يعفي الحكومة من اتخاذ قرارات صعبة تؤثر على شعبيتها الغالية.