بعد تداعيات ضرب «وافد مصري»… «الدولة العميقة» مستاءة من سلوكيات نواب البرلمان

اخبار البلد-


 
يؤشر وزير الاتصال  الناطق الرسمي باسم الحكومة الدكتور محمد المومني تماما على المأزق الوطني السياسي السيادي، عندما يجد نفسه مضطرا للتأكيد من دون مبرر على مسألتين هما عمق العلاقات مع جمهورية مصر العربية أولا وعلى المملكة ثانيا باعتبارها دولة قانون ومؤسسات. لا يؤشر وزراء فاعلون مثل المومني من دون مناسبة تستوجب التأكيد على مثل هذه المبادئ المستقرة في إدارة الدولة .
السبب الواضح لعموم الناس هو الورطة التي سببها للمملكة ولعلاقاتها بمصر وبعد أيام قليلة من لقاء حيوي وأخوي جمع الملك عبدالله الثاني بالرئيس عبدالفتاح السيسي أحد اعضاء البرلمان، عندما وفر الاسناد والرعاية ولاحقا المبرر لحادثة ضرب شقيق له لعامل وافد من مصر في أحد مطاعم مدينة العقبة الأردنية.
قنصلية مصر في العقبة قامت بدور دبلوماسي فعال في الحيلولة دون تجاهل الحادثة وخلافا للمتوقع وقف الرأي العام الاردني وبقوة مع الوافد المصري وضد ممثله البرلماني.
الأهم من ذلك أن المومني، وهو أحد وزراء السيادة والطاقم السياسي بمجلس الوزراء، لفت النظر لمستوى شعور الحكومة بالحرج جراء تصرف النائب زيد الشوابكة الذي سارع بدوره لتبرير ما حصل من اعتداء شقيقه على الرجل ونفيه مشاركته شخصيا في الاعتداء.
يعرف الشوابكة ويعلم الجميع  بعدم وجود احتمال لأن يقوم أحد المصريين في البلاد بشتم الاردنيين علنا، كما يزعم، فتلك مسألة لا علاقة لها بتاريخ العمالة المصرية بالأردن التي قدمت ولا زالت تقدم في رأي النائب محمد الحجوج مساهمة كبيرة في دعم قطاع الخدمات الاردني دون أن تسجل ضدها أي ملاحظة ذات بعد أمني أو تمس بالاستقرار العام، رغم وجود أكثر من نصف مليون مصري في عمان والمدن الاردنية.
بطبيعة الحال أن يستدرك الوزير المومني وأن يدلي بتأكيده الاستباقي في الوقت الذي يكثف فيه زميله وزير الداخلية سلامة حماد ومنذ عدة أسابيع جرعات التركيز بالممارسة والفعل والقول على مبدأ دولة المؤسسات والقانون.
ما حصل في هذه القضية سلط الضوء مبكرا على الأعباء التي تتحملها الدولة العميقة جراء سلوكيات وتصرفات منفلتة وغير قانونية، اضافة لأنها غير أخلاقية لمجموعة محددة من النواب الذين يركبون مقعد النيابة لتكريس مصالحهم ونفوذهم حتى على حساب المصلحة العامة في بعض الأحيان.
جرس الإنذار قرع عدة مرات تحت هذا العنوان في مؤسسات الدولة العميقة، فقد سبق للمستوى المرجعي أن هدد بحل البرلمان إذا لم تتخذ اجراءات سلوكية حازمة ضد نائب سابق أطلق الرصاص من سلاح كلاشينكوف تحت قبة البرلمان، وسبق لنواب أن ضربوا بعضهم البعض وأطلقوا تصريحات تثير الفتنة ليس فقط في أوساط النخبة الأردنية ولكن في المجتمع نفسه.
يتم التطرق بين الحين والآخر في المجالس المستقلة لإدارة الحكم للمشكلات التي ينتجها نواب الخدمات والمناطق غير المسيسين، خصوصا اولئك الذين يتم العبث في صناديق الاقتراع لصالحهم وفقا لقواعد غياب الشفافية ومعلبات طقوس الاستمرار في العبث والتزوير في بعض الأحيان، كما يلمح قياديون من «جبهة العمل الإسلامي» من بينهم الشيخ مراد العضايلة.
حتى داخل مجلس الوزراء اعتبر ركن بارز في الحكومة في أحد الاجتماعات أن التعاطي مع نواب المعارضة الإسلامية أسهل بكثير من التعاطي مع نواب الابتزاز البيروقراطي الذين لا يجمعهم حزب ولا تؤطرهم كتلة ونزعتهم على الأرجح فردية واستعراضية وخالية من النضج السياسي، وتؤثر سلبا على العمل البرامجي، كما يلمح مؤسس ومنسق المبادرة البرلمانية الدكتور مصطفى الحمارنة.
سبق للأسلحة الرشاشة أن ظهرت تحت قبة البرلمان والمسدسات الشخصية لا زالت تلتف حول خصور بعض الأعضاء، حتى خلال الاجتماعات وأغلبية الوزراء يشتكون سرا من الاستعراضات البرلمانية ضدهم وتهديدهم بالاستجواب بسبب مصالح فردية أو مناطقية ضيقة.
المؤسسة العامة بدأت تشعر أن كلفة تزوير الانتخابات لصالح طبقة معينة من النواب أعلى بكثير من المكاسب والعوائد المتعلقة بنظام انتخابي يكرس نفوذ الاغنياء والثقل القبلي فقط.
وفي الواقع يشعر الجميع بذلك منذ وقت طويل، لكن دون إجراءات تعيد انتاج المشهد، قبل ان يصل ضرر النواب في حادثة العقبة الأخيرة إلى مستويات غير مسبوقة لها علاقة هذه المرة بتحالفات المملكة وعلاقاتها الاقليمية الحساسة، خصوصا مع وجود كاميرات على الهواتف ووسائل إعلام تصطاد كل كلمة أو حركة لها علاقة بنجوم البرلمان.