زياد ابو غنيمة.. أربعين وجعا على رحيلك

قرابة الاربعين يوما مرت على فراق المرحوم زياد ابو غنيمة، ابو غنيمة الذي ظل قابضا على جمر اسلامه وعروبته نيفا وخمسين عاما، ولم يتزحزح سنتمترا واحدا، رغم الضغوطات التي تهد الجبال، ورغم المغريات التي لم تعط لغيره. في عزاء المرحوم زياد ابو غنيمة وجدنا ان الرجل شكل اجماعا غريبا عجيبا بين القوى السياسية والحكومة ومنظمات المجتمع المدني، لدرجة انني وغيري سألنا انفسنا كيف لرجل واحد ان يجمع كل هذا الشتات بين ابناء الوطن. ابو غنيمة ذاكرة الوطن المتقدة التي انتجت كتب التاريخ للأجيال القادمة، وهو من اهم منظري وكتاب الاخوان المسلمين ليس في الاردن فقط، بل في العالم الاسلامي. رحمه الله، عرفته عن قرب، ودخلت معه في نقاشات طويلة، وكان له في نفسي حب شديد، ذلك انه يمثل الاسلامي المتنور غير الصدامي، والمحاور الشرس الذي لا يجرح، وكنت اعرف انه يحبني مثل ابنائه. طيلة الاربعين يوما الماضية، حاولت ان اكتب شيئا عن زياد ابي غنيمة، لكنني فقدت القدرة على الكتابة، وهربت مني الحروف، والجمل، وبقيت صورة وجهه المشرق والمبتسم دائما لا تفارقني، حين كان يزورني في صحيفة الشاهد الاسبوعية لكتابة زاوية نارية يقصف بها الحكومات، ويبرز الحجج والبراهين على فساد هنا او تعليق على موقف هناك. لم ينصف زياد ابو غنيمة في حياته، ذلك انه لم يبحث عن مغنم دنيوي، لكننا نظلم ابناء الوطن والوطن عندما نستبعد المثقفين والمبدعين والحواريين، واصحاب الحجة والمنطق، عن مواقع الدولة، حبذا لو ينصف في مماته ويسمى شارع او دوار او حديقة باسمه، وهذه دعوة نوجهها الى امين عمان عقل بلتاجي بهذا الشأن. جاءني رحمه الله ذات يوم قبل خمسة عشر عاما، كنت حزينا ودمي يفور من الغضب على تحويلي لمحكمة امن الدولة بسبب مادة صحفية كتبتها في صحيفة الشاهد الاسبوعية، امسكني رحمه الله من يدي وقال لي: «بدك تتحمل.. هاي بلدك.. واذا تركناها.. لمين نتركها لـ....» وسمى اشخاصا فاسدين كنت كتبت عنهم. قدر الله ان نفارق الأحبة.. مؤمنين ان الموت على رقاب العباد.. رحم الله زياد ابو غنيمة.