أهــلا بالعاصفــة وفتــح

دلالة عملية نابلس البطولية مضاعفة، ليس بحكم وقتها الذي اثلج صدور الجميع ولا بالتزامها بقوانين الشرعية الدولية التي تعتبر المستوطنين وقوات الاحتلال الصهيوني اهدافا مشروعة للمقاومة، بل لانها شهدت عودة حركة فتح وقوات العاصفة الى اول البندقية واول الرصاص، فالمقاومة الفلسطينية دون ابطال العاصفة بكل تسميات كتائبها، مقاومة منقوصة وغير موحدة، ومحاولة اظهار فتح كحزب حاكم او حزب للسلطة محاولة بائسة وقاتلة للقضية الفلسطينية التي تشهد ظرفا صعبا وغير مسبوق بسبب تداعيات الاقليم واهتزاز الخارطة الجغرافية والسياسية للاقطار العربية . العملية سجلّت دلالة سياسية مضاعفة بوصفها العملية البطولية الاولى التي لم يتم تدنيسها بادانة من السلطة الوطنية الفلسطينية، فتصريح الرئاسة الفلسطينية عن العملية بوصفها رد فعل على تطرف المستوطنين، نقلة نوعية في السلوك الرئاسي الفلسطيني المتهم من الكيان العنصري سواء ادان العملية او دعمها، فهذ الكيان الغاصب لن يفهم ولن يتفهم الا بالمقاومة المشروعة والموحدة (بفتح الحاء وكسرها)؛ لأن الوحدة الفلسطينية تتحقق على ارضية المقاومة وعلى برنامجها مهما اختلفت تسميات الفصائل الفلسطينية ومرجعياتها الفكرية والسياسية . العملية نوعية بامتياز بحكم موقع القتلى الصهاينة ووظائفهم ولكنها ليست العملية النوعية الوحيدة، فسبق لفصائل المقاومة الفلسطينية وحركتي الجهاد وحماس القيام بعمليات نوعية اثلجت الصدور، ولكن عودة العاصفة وكتائبها الى صفوف المقاومة هو الامتياز الذي نتمنى جميعا استمراره كنهج وليس كرسالة الى الكيان الصهيوني بعد خطاب الرئيس محمود عباس في الامم المتحدة، فثمة اصوات في السلطة وفي حركة فتح تحاول تقزيم العملية البطولية بادخالها في خانة الرسائل السياسية الى الكيان الصهيوني وحكومته المتطرفة . المقاومة الموحدة ونهجها ليس ضرورة وحسب بل يرتقي الى مصلحة عليا لكل فلسطيني بات يرى بعينيه المجردتين تفاعل الشارع الفلسطيني وغليانه مما ينذر بانتفاضة ثالثة ليست على العدو الصهيوني بل على السلطة الفلسطينية وحركة حماس على وجه الحصر بوصفها السلطة في غزة، فالانتفاضة الاولى المباركة كانت ضد الاحتلال والانتفاضة الثانية كانت مزدوجة ضد الكيان الغاصب والسلطة، والثالثة ستكون ضد السلطتين في غزة والضفة وهذا بالقطع لا تحتاجه القضية الفلسطينية في هذا الوقت القبيح التجاعيد، فتعطيل دراسة والعصيان المدني ينجح تحت الاحتلال وليس تحت السلطة الفلسطينية وكلها اشكال تجاوزتها اللحظة الفلسطينية التي تحتاج الى مقاومة يدفع كلفتها الاحتلال الصهيوني ولا احد غيره . دروس التاريخ في فصل الثورات تقول بالفم الملآن، ان المقاومة كفعل لا تحرر الارض، بل تجعل كلفة الاحتلال عالية على المحتل؛ ما يضعه على طاولة التفاوض خانعا لشروط المقاومة بالتحرير والتحرر ومما يجعله خانعا لضرورة اللحظة ، وعودة فتح الى نهج المقاومة يفرش الطريق الى المصالحة الوطنية الحقيقية على ارضية المقاومة ويزيل حواجز واسباب الفرقة الفلسطينية سواء كانت الاسباب حقيقية او انتهازية، ولا توجد ارضية جامعة للوحدة الفلسطينية الا المقاومة، فأهلا بالصاعقة وبياناتها من جديد على طريق تحرير الارض والانسان .